التعايش السلمي (كربلائي – انباري)

0 210

غزوان العيساوي

في ساعات الصباح الأولى وبداية اشراقة الشمس يأخذ فطوره معه وتمرز الشاي ليذهب الى العمل في حفارته الضخمة التي يحب ان يسميها الحنونه حيث انه يحصل على الأموال من خلال العمل بها لعين 11 نفر في عائلته .

سعفان البو عيسى شاب يبلغ من العمر 36 سنة من أهالي الانبار يملك مساحة قليلة من ارض زراعية بنى بيت لعائلته المتكونه من 11 شخص وكذلك يملك حفارة كبيرة يذهب للعمل فيها في المشاريع التي تقام في محافظته .

يقول سعفان ” اخرج منذ الفجر الى العمل في الحفارة الكبيرة في الشركات الاهلية واعود الى عائلتي في المساء محمل لهم باغراض البيت والطعام حيث كان العمل يدر علينا أموال جيدة لم نحتاج شيء فانهاتكفي لنا نحن كعائلة كبيرة وكذلك تكفي لعلاج امي وابي الكبار في السن ولعائلة اخي الذي اخذ منه المرض الكثير , وكذلك نزرع الأرض ذات المساحة القليلة مقارنة بالاراضي التي جنبها ونحصل منها بعض الأموال , حيث تم تقسيم العمل على افراد العائلة جميعا سواء عمل البيت او المزرعة .

يذكر سعفان” كنا فرحين بما نكسب من رزق لنواجه به الحياة بجميع مشاكلها وسعداء بقربنا الواحد من الاخر حيث فرحتنا تكتمل عندما نجلس مساءا وجميع العائلة على مائدة الطعام لننعم بجو من الفرح حيث يطول جلوسنا لساعات فكل شخص يتكلم عن ما قدمه في هذا اليوم وما حصل معه ونترك الكلام في السياسة على عكس بقية العوائل العراقية التي ربما يصل حالها الى حد الصراخ في هذه القضايا وربما الى القطيعة بين العائلة الواحدة .

يضيف سعفان كان حنان العائلة هو الذي يجعلني اشعر بالطمأنينة وافكر لمستقبل ان احصل على ارض اكبر وابني بيت كبير وان اجمع أموال اذهب بابي وامي الى خارج العراق لمعالجتهم هذا كان الهم الوحيد الذي عملت على تحقيقه لولا …. ويسكت ليبحث عن شيء في جيبه ويخرج علبة السكائر ويشعل واحدة ومع كل رشفة دخان نرى دموعه تنهمر بدون ان يخرج أي صوت فقط دخان ودموع لتمتزج مع كلمات يطلقها مع الأسف ان يصبح حالنا كما ترون .

التقينا فيه في كربلاء وعندما سالناه قال انا من الانبار واعمل هنا في احد مشاريع كربلاء وحسب عملي لافرقبين عملي في الانبار وكربلاء حيث التعامل الجيد الذي وجدته هنا يشعرني بالفخر باني عراقي انتمي لهذا الوطن .

كربلاء ومن خلال العتبات ورجالاتها عملت على نفاذة للحياة وثقافة للتواصل وبعثت رسالات للتسامح حيث من منطلق الدماء الزاكيات التي اريقت على ارضها منذ الاف السنين صارت رمزا للمحبة والتسامح والتعايش الإنساني

وهي اليوم تحتضنهم بوئام وسلام وكرامة من دون تمييز بسبب دين أو عرق أو طائفة أو جنس، فغدت بذلك شعاع النور الذي ينثر الأمل في غدٍ يسوده السلام ولغة الحوار وقبول الآخر. (الإمام الحسين -عليه السلام- منارٌ للأمم واصلاحٌ للقيم , .
يقول
الشيخ مألف مقدم من فرنسا تدريسي ومسؤول الحوزة العلمية في باريس، حاصل على شهادة الليسانس في التجارة:
إن المهرجانات التي تقام في كربلاءومنها مهرجانربيع الشهادة الثقافي العالمي هو نموذج لتعايش السلمي بين الأديان وهو يمثل ثقافة التسامح بين الأمة.
نحن بأمس الحاجة اليوم في إقامة مثل هذه الملتقيات؛ كوننا نعيش وسط تعصب ديني متخبط يدعونا ذلك إلى طرح العديد من الأسئلة التي تبحث في سبل إماطة اللثام عن الكيفية الصحيحة للتعامل مع قضايا التعددية الثقافية والدينية.
وفي هذا المهرجان وهو من أبرز المحطات على المستوى الدولي والعالمي حيث استقطب ضيوفا من عدة دول وشارك فيه من مختلف الأديان والمنظمات الحقوقية والإنسانية والدولية ونخبة من المفكرين والباحثين على مستوى العالم، لاحظت أنه يؤكد على ضرورة تجسيد مبدأ العدل والمساواة في الدين الإسلامي فالناس سواء في الحقوق والواجبات.
يضيف الشاب سعفان البو عيسى اننا اتجهنا الى اقرب مدينة وهي كربلاء بعد دخول داعش الى مناطقنا ب6 اشهر لأننا اصبحنا امام التهديد والقتل اذا لم ننتمي لهم تركنا بيتنا والمزرعة وماكنتي وهربنا ليلا في سيارة بيكب متجهين نحو كربلاء حيث انتابني شعور باننا سنقع في قضية أخرى ونعاني منها الا وهي الطائفية حيث كربلاء مدينة شيعية ونحن من غير مذهب .

حيث الأفكار ومتابعة الطريق خوف على خوف يسيطر علينا لكن لم افكر ولو للحظة ان نعود الى الوراء .

يكمل كلامه ” كانت السماء صافية والطريق مظلم جدا وشعور الذهاب الى المجهول لم يفارقنا حيث كنا أطفال ونساء الأطفال تبكي تحتاج الى الماء والنساء تعمل طول الطريق على اسكات الأطفال كون الخوف يجعلنا نصر على عدم الوقوف بدأ الطريق يقرب من كربلاء وعيوننا مشبوحه الى الطريق وبعد ساعات من شد الاعصاب والتفكير واذا بنا في سيطرة مدخل محافظة كربلاء , اثنين من الجنود اول كلمة نطقوا بها حمدا لله على سلامتكم احدهم قال اركن سيارتك هنا وانزلوا من السيارة ” ارتاحوا شويه اكيد الطريق تعبكم ” لم ننطق بكلمة فقط السلام عليكم .

انزلنا الأطفال والنساء لكن الخوف مازال مسيطر علينا واذا بأحد الجنود يخرج من مركز السيطرة يأتي لنا بماء وعصير وكيك ويقول لنا لاتخافوا فقد وصلتم الى منطقة امنه واهلا وسهلا بكم .

لم نصدق في اول مرة وتصورنا انها سيطرة وهمية واخذت مني الأفكار حتى ايقضني من افكاري وقال فقط نحتاج الى تدقيق هوياتكم .اجبته بالقبول .

بعد نصف ساعة ابلغنا انه سوف يتصل بدائرته لان توجد لجنة لاستقبال الأهالي النازحين من اجل اسكانهم وبالفعل تم الاتصال وتم استلامنا من قبل اللجنة لنجد انفسنا في احد المخيمات التي انشات في كربلاء للنازحين وقد اعطينا في وقتها كرفان عدد 3 لنكمل تلك الليلة بنوم هادئ.

مرت ثلاثة أسابيع حينها خرجت للبحث عن عمل فلم اجد عمل وبحثت لايام عديدة حتى رايت شكرة مقاولات ودخلت اليها وكوني سائق حفارة ايتقبلوني براحبة صدر وعملت معهم .

يستمر بتفاصيل قصته وبعد اعلان النصر على داعشعدنا الى منطقتنا وارجعت عائلتي الى بيتنا الذي قمنا باعماره كونه تدمر والان وبعد سنوات انا اعمل في كربلاء وكل أسبوع اذهب الى اهلي في الانبار .

فاني وجدت ان كربلاء لا تختلف عن الانبار فانني وبكل فخر انتمي اليوم الى العراق الكربلائي الانباري .

اترك رد