وترى السياسيين سكارى

0 201

هادي جلو مرعي
يتحول الإنسان مثل نبتة الى مديات أخرى تتابع لتكون في النهاية في أوج قوتها وحضورها مونقة مورقة، ولكن ليس كل الأشجار تكون وارفة رائفة بالخلائق، فهناك أشجار سامة، وهناك أشجار يمكن ان تتهاوى على رؤوس من يستظل بها، أو يمر قريبا منها، ومنها من يستعمل ليكون كمينا يختبيء خلفه عدو غادر، الى غيره من أشكال وصنوف الأشجار.
الإنسان السياسي لايولد وهو بهذا التوصيف.
كل واحد منا يخرج الى النور وهو عار، يبكي بشدة، يحتاج الى إطعام وتنظيف مستمر، يتغوط ويتبول دون وعي بالزمان والمكان والطريقة. الإنسان السياسي يتحول الى عالم آخر عن العالم المعتاد فيكثر من حوله الحثالات والنفعيون والمتملقون والكذابون الذين يزينون له الأشياء، ويضللونه من أجل مكسب زائف، ويبحثون عن رضاه لأنهم يجدون فيه المصلحة، ولايلتفتون الى إنسانيتهم، ولاالى ضميرهم، بينما هو سكران أصابته دوخة، وصار يترنح يمنة ويسرة دون أن يهتدي الى ضالته.
يتغير الإنسان السياسي بسرعة، ويركبه الغرور، وتتحول تفاهته الى سلطان ظاهر زائف يمكن معرفته بسهولة، وتبينه في الظلام، وفي الضباب، فالمال يجري بين يديه، وعناصر الحماية يحوطونه بالرعاية، والناس يترصدون رضاه، ويمكن النظر إليه لمعرفة مدى تأثير ذلك على وجهه، وسلوكه، وتفكيره، وعلى علاقته بالمحيط القريب والأبعد.
السياسي في الغالب ثمل دون أن يضع خمرا في كرشه الصديء، ودون أن يتناول حبوب هلوسة، أو يفعل من ذلك شيئا، فالسلطة والمال يسكران، وخطرهما يكمن في أنهما يلهيان السياسي عن واجبه تجاه شعبه، فينشغل بنفسه وأسرته ومقربيه، وبما يأتيه من منافع، فلايرى عذابات الناس، ولامعاناتهم، ولابحثهم عن أسباب الكرامة، ويصدمه أن يراهم يطالبون بحقوقهم، ويتظاهرون، ويتساءلون عن مايمكن أن يتحقق لهم منها، وهم لايعون إنه لم يعد لديه القدرة على الإمساك بعوامل النجاح، فيضيع، ويضيع معه الناس.

اترك رد