وفد المرجعية يسقي عطش البصرة ويحرج الحكومة

0 214

حيدر عباس
ان الخطوات الخاطفة التي قام بها موفد المرجعية في معالجة أزمة المياه في البصرة ليست مجرد معالجات لازمة عمرها اكثر من ربع قرن فتكت بالمدينة وبثروتها الزراعية والحيوانية وتعدت ذلك في الاونة الى الاخيرة الى الانسان فحسب، وانما هو درس اداري في تقديم الخدمات للمواطنين والانتقال بشكل سريع من القول الى الفعل، ففي خطبة الجمعة بتاريخ 2018/7/20 أكد السيد احمد الصافي على خدمة الناس وعلى ان يعي هذا المسؤول ماهية الخدمة والاهم من ذلك عامل الوقت في تقديم الخدمة قائلا: “أهمية عامل الوقت والزمن ولا يمكن تقديم خدمة ويكون الوقت مفتوحا لذا ضرورة ضبط الوقت للإسراع بتقديم الخدمة” هذا الوقت الذي ضيعه المسؤولون على ملف الخدمات على تعاقب حكوماتهم بعدم مبالاتهم تارة وبفسادهم تارة اخرى ناهيك عن الروتين المقيت الذي يعتبر قاتل للارادة والوقت والاندفاع للعمل.
مبعوث المرجعية اثبت ان العمل وثماره رهين العزيمة والارادة المخلصة وان جزءاً بسيطاً من الخمس عشرة سنة التي مرت بعد سقوط النظام البائد هي كفيلة بمعالجة مشكلة الماء التي تسببت بأزمة انسانية وقد تكون سببا لازمة سياسية كبيرة في البلد قد تهوي به في حالة عدم معالجتها وتفاقمها .
ان ما فعلته المرجعية وموفدها في معالجة أزمة المياه مهمة عظيمة تنطوي على دروس يجب ان لا ينظر لها بشكل سطحي واهما ان المسؤول اذا اراد ان يعمل ويخدم وتوفرت لديه العزيمة والارادة لن تقف بوجهه اي مبررات وسيصنع المستحيل حتى لو تطلب الامر ان ينزل الى العمل ببدلته وخوذته فالخدمة افضل ما يقدمه المرء لاخيه ورعيته، والامر الاخر هو الروتين المعقد والذي تعتبره الدوائر الحكومية فلترا للفساد لم يكن فعالا في مواجهة الفساد بقدر عرقلته الكثير من المشاريع المهة وخاصة التي تمس حياة الناس بشكل مباشر.
لننظر مثلا لعمل موفد المرجعية وفريقه كيف استطاع وبخطوات بسيطة تجاوز الروتين الذي لا يخلو من فرص الفساد، فالعملية التي قام بها الوفد تحتاج في الحالات الطبيعية اذا ارادت الحكومة معالجة الجزء المتمثل بصيانة محطة البدعة والار زيرو الى البدء اولا بتكليف لجنة الكشف على المحطات وبعد الكشف رفع توصيات بالحاجة الى مكتب المحافظ او اللجنة الفنية يحيل رئيس اللجنة الفنية في المحافظة او مكتب المحافظ التوصيات الى لجنة تضع اما دراسة جدوى لتبين فيما اذا كانت هذه المحطات بحاجة للصيانة او التبديل الكامل ثم تعود التوصيات الى مكتب المحافظ ليهمش على التوصيات واحالتها الى الحسابات لتاكيد توفير الاعتماد المالي من عدمه طبعا ستؤجل الاستجابة في حالتين اذا كانت السنة المالية منتهية او عدم توفر سيولة اما في حالة توفر الاعتماد سيدفع الطلب الى لجنة اعداد التنادر لاعداد المواد بالتفصيل ثم دفعها الى لجنة التسعير ووضع السعر التخميني ومن ثم رفع التندر الى لجنة الاحالات لاعلان الاحالة على شكل مناقصة او تدفع بشكل دعوة مباشرة لخمس شركات، وبعد تلقي العروض من الشركات ستحال العروض الى لجنة فحص العروض واختيار انسب الاسعار دون الالتفات الى الجودة وفي حالة وجود مناشيء معينة للمواد في التندر فتقوم اللجنة باضافة شرط طلب شهادة منشأ للمواد، بعد اختيار العرض الانسب يحال العرض التجاري والفني والاوراق الرسمية للشركة المختارة الى اللجنة القانونية لصياغة عقد ومن ثم تحويله الى لجنة العقود للتعاقد مع الشركة التي ستقوم بالتنفيذ وتكون المباشرة بعد فترة يحددها العقد وبعد ان تجلب المواد وقبل المباشرة بالتنفيذ ينتظر المقاول سلفة اولى تأخذ اجراءتها – في حالة عدم دفع الرشوى- من اسبوعين الى شهر او اكثر حسب امزجة المسؤولين .
هذا الروتين المتمثل بـ (12) جهة بين مكتب او لجنة او دائرة ياخذ من الوقت في الحالات الطبيعية – بدون فساد- في كل جهة بين الشهر او اكثر فقد تتراوح الفترة من الكشف الاولي الى توقيع العقد فقط بين العشرة اشهر الى سنة، كل ذلك اختزله وفد المرجعية بخطوتين تمثلت بكشف وتشخيص ومن ثم تنفيذ، في وقت اقصاه اسبوعين وهذا ما جعل المواطن على بينة ان الاهمال ليس عفويا وان المسؤولين غير مبالين ابدا بمعاناة المواطنين واعطى اشارة واضحة للحكومة بان تقليل الروتين رديف لتقليل خطوات الفساد .

اترك رد