إضافة علمية وفكرية جديدة يقدمها الباحث العراقي الدكتور علي المؤمن للمكتبة العربية والإسلامية؛ في موضوع إشكالي كبير ومهم هو التقنين الدستوري الإسلامي، وإشكاليات التشريعين الإسلامي والوضعي، ومساحات الافتراق واللقاء بين القانون الدستوري الإسلامي والقانون الدستوري الوضعي، وثنائيات الأسلمة والتأسيس، والاستنباط والوضع، و دور نواب الأمة من جهة وفقهاء الشريعة من جهة ثانية، وسمو المواد الدستورية وأصالة أحكام الفقيه، ومدخلية الشريعة الإسلامية والقبليات العقدية في نشوء الفقه الدستوري الإسلامي؛ فضلاً عن الفصام العقدي الذي تخلقه محددات القانون الدولي الوضعي أزاء القواعد العقدية الإسلامية من جهة، والقانون الدستوري الإسلامي المستند الى أصول القانون الدستوري الوضعي وتعريفه للدولة ومكوناتها وأسسها؛ لاسيما في موضوعات السيادة والأرض والشعب من جهة أخرى.
ولم يكتف الدكتور علي المؤمن ـ في منهجيته التي اعتمدها في الكتاب ـ بالمقاربات النظرية لموضوع القانون الدستوري الإسلامي؛ بل جمع بينها وبين المقاربات التطبيقية؛ لتكون معالجاته مساهمة علمية جادة في حل معضلات أساسية ظلت عقود طويلة مدار بحث عميق ومطول بين فقهاء الشريعة وفقهاء القانون الدستوري وعلماء النظم السياسية.
والحقيقة أن موضوع القانون الدستوري المستند الى مضامين الفقه السياسي الإسلامي، أو ما أسماه الدكتور علي المؤمن بـ ((القانون الدستوري الإسلامي الحديث))؛ هو من أكثر الموضوعات إثارة للجدل الفكري والفقهي في الوسط العلمي والسياسي الإسلامي، وأصعبها مقاربة؛ لاسيما في مجال التفاصيل المنهجية والتقنية التي تتلخص في تحويل القواعد الشرعية الدينية الى قواعد قانونية دستورية وضعية، وهو ما وصفه الدكتور المؤمن بعبارة )( التقنين الدستوري الوضعي للفقه السياسي الإسلامي))، ومايتخلل هذه العملية من تعارضات عقدية وفقهية وفكرية عميقة؛ ترتبط بالمقدس واللامقدس، والملزِم وغير الملزم، والإلهي والوضعي، وماينتج عنها من فصام كما يقول الدكتور المؤمن.
وتتجاوز الاشكاليات التي طرحها الدكتور علي المؤمن موضوع الصياغات القانونية للمواد الدستورية والجانب الشكلي والمادي للدستور، ومجمل مشكلات التقنين؛ ليصل الى مقولات تأسيسية؛ كالفقه الدستوري الإسلامي والقانون الدستوري الإسلامي، وتقعيد أحكام الفقه السياسي الإسلامي من جهة، وأسلمة القواعد الدستورية الوضعية من جهة أخرى.
وكتاب الدكتور علي المؤمن الجديد الذي حمل عنوان (( الفقه والدستور: التقنين الدستوري الوضعي للفقه السياسي الإسلامي))؛ هو بالأساس أطروحته الدكتوراه في القانون الدستوري، وقد عرض فيه رؤى تأصيلية مهمة؛ استحضر من خلالها الموروث الإسلامي؛ كما استعار معايير التقنيين الحديث وقواعد القانون الدستوري الوضعي وتقنياته.
يقع الكتاب في (416) صفحة، و قد صدر في بيروت عن مركز دراسات المشرق العربي ودار روافد.
ميثم حاتم