هادي جلو مرعي
تشير آية في كتاب الله الكريم الى عظم الأمانة، وكم هي ثقيلة وجسيمة، وكيف إن الرب عرضها على مخلوقاته العظيمة، ومنها السموات والأرض والجبال التي أشفقت منها، وأبت أن تحملها لأنها كانت مخيرة، ولم تكن مجبرة، ولو كانت مجبرة لحملتها رغما عنها كما حين أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا نزولا عند أمر الآله، بينما عصاه إبليس وتكبر فعاد بخسران مبين.
الوحيد الذي كان على الموعد هو الإنسان الذي سارع لقبول ذلك، ولم يكن مجبرا حتى إن الرب وصفه بالظلم لنفسه والجهل.
يقول تعالى في سورة الأحزاب الآية 72:
( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ).
مفهوم الأمانة واسع، ويبدأ من الإقرار بوحدانية الله والعبودية له، الى الأخلاق الطبيعية التي أمر الله عباده أن يتخلقوا بها مثل الصدق والنزاهة والشرف والأمانة في القول والفعل والنصح والإرشاد والتربية والتعليم، وكثير من البشر لايلتزمون ويعتريهم الجهل والظلم لأنفسهم فينحرفون عن خط الوحدانية ولايؤدون واجباتهم الأخلاقية كما يجب أن تؤدى فالمسؤول والموظف والعامل يجب أن يحترموا وظائفهم ولايخونوا الأمانة وأن لايفسدوا ويستغلوا وجودهم وينتفعوا منه بغير حق.
في مرة وضعت سيدة نسخة من القرآن الكريم على الثلاجة، وكان صاحب البيت يسمى عودة، وفي يوم تعطلت الثلاجة، وجاء عودة يتفقدها، ونظر اعلاها، وقال لأهله: عرفت السبب، إنه هذا القرآن، فالأمانة التي لم تحملها الجبال كيف لثلاجة عودة أن تحملها؟