هكذا يتم التعامل داخل مرقد الامام الحسين مع الكتب والوثائق التي كتبت قبل مئات السنين

0 259

بعناية واهتمام يعكف خبراء ترميم المخطوطات في مركز الامام الحسين عليه السلام لصيانة وترميم المخطوطات على اعادة ترميم المخطوطات العائدة لمرقد الامام الحسين عليه السلام بشكل يضمن استفادة الباحثين والمحققين منها بعد معالجة الاضرار التي لحقت بها جراء الاهمال في الفترات السابقة.

المركز الذي أنشأته العتبة الحسينية المقدسة من اجل الحفاظ على المخطوطات التي يضمها المرقد الشريف, بعد سنوات من الاهمال المتعمد الذي تعرضت له حالها كحال باقي اجزاء الحرم الحسيني المطهر في زمن النظام المقبور, وابان الهجوم الوهابي على كربلاء مما ادى الى اتلاف وحرق وسرقة اعداد كبيرة من المخطوطات التي لا تقدر بثمن.

إرث حضاري وعلمي

يقول مدير المركز مناف التميمي في حديثه للموقع الرسمي “تمثل المخطوطات ارث حضاري وعلمي مهم, ويضم ما جادت به انامل الماضين من علوم مختلفة دونت على الورق وحفظت لنا ما بذلوه من الجهود لخدمة الانسانية كعلوم الفلك والحساب والطب والعلوم الدينية وغيرها”.

ويضيف “علوم الماضين وصلت الينا عبر هذه المخطوطات , وقد سميت بهذه التسمية لأنها خطت باليد”.

ويشير التميمي الى انه “بعد سقوط النظام الصدامي لم يبق من الاف المخطوطات التي كانت ضمن مقتنيات مرقد الامام الحسين عليه السلام الا 700  مخطوطة, كان اغلبها نسخ خطية لبعض المصاحف فبدأت العتبة الحسينية المقدسة بشراء المخطوطات, كما تبرع عدد كبير من اصحاب المكتبات والدور باعداد جيدة من المخطوطات الى ان بلغ العدد اكثر من 5400 مخطوطة”.

مركز متخصص واعمال وفق المواصفات العالمية

ويقترب المركز في عمله كثيرا من عمل المستشفى, فهو يقوم بتشخيص الاضرار التي لحقت بالمخطوطة, وتحديد طريقة معالجتها ثم ترميمها واخراجها بشكل جديد مع بقاء الطابع التراثي القديم في التجليد والخط ولون الورق.

وبشأن الاعمال والمهام التي يقوم بها المركز, يقول التميمي “يضطلع المركز بعدة مهام منها ترميم وصيانة المخطوطات بطرق حديثة وضوابط علمية وبشهادة مختصين من ايطاليا والمانيا واليونان ومصر, كما يقوم المركز  بتوفير نسخ خطية للباحثين والمحققين من اجل تحقيقها والاستفادة منها, واصدار مجلة متخصصة بعنوان طروس تهتم بالتراث المخطوط”.

ويلفت الى ان كوادر المركز تلقت عدة دورات وورش عمل تخصصية في عدد من الدول من بينها دورة في كلية الترميم في جامعة باردوبيتسا في جمهورية التشيك.

فهرس يحاكي تطور الرسم القرآني

ويكشف التميمي عن قرب اصدار “فهرس مفصل للمخطوطات الموجودة في العتبة الحسينية المقدسة بعدة اجزاء, وسيكون الجزء الاول منه مخصصا للمصاحف الشريفة, وهو ليس فهرسا كلاسيكيا بل يتضمن دراسة عميقة في تطور كتابة المصحف والرسم القرآني وتطوير الزخرفة القرآنية ابتداء من القرن الاول الهجري الى القرن الرابع عشر الهجري”.

ويتابع “تم توفير خزانة لحفظ المخطوطات بمواصفات خاصة تم فيها مراعاة درجة الحرارة والرطوبة والضوء المناسبة لحفظ المخطوطات”.

التحليل المختبري وتحديد طرق المعالجة

وفي السياق ذاته, يشير مسؤول المختبر في المركز احمد زغير ان ” المخطوطة تخضع لعدة فحوصات في المختبر قبل البدء بترميمها, فتتم عملية فحصها وتشخيص الاضرار التي لحقت بها كأن تكون حشرات حية او بقايا حشرات او فطريات, ومن ثم تؤخذ منها مسحات على اوساط زرعية للفطريات والبكتريا, ويتم علاجها بعملية “التعفير” بمادة البيوتانول,  وهي مادة خاصة بتعقيم المخطوطات بالاستعانة بجهاز خاص”.

ويضيف زغير, وهو خبير بايلوجي “نقوم ايضا بفحص الاحبار التي كتبت بها المخطوطة وبيان امكانية تحللها او تكسرها, ويتم بعد ذلك تثبيتها بمواد مثبتة, كما يتم قياس درجة الحموضة (ph), وفحص الياف الورقة ومعرفة مكوناتها كأن تكون الياف قطنية او كتان وفحص جلود المخطوطات وتنظيفها ليتمكن المرممون من تحديد طريقة الترميم المناسبة للمخطوطة واعادة تجليدها بنفس الجلود الاصلية للمخطوطة”.

ويستطرد بالقول “يتولى المختبر ايضا تحضير اللواصق التي تستخدم في ترميم المخطوطات والتي تعرف بالـ (التيلوز والـ CLOSE L G), وتحضير الصبغات الخاصة بتلوين الاوراق التي تعرف بالـ(ISO).

وعن نشاطات المختبر, يقول زغير “ان المختبر تبنى بالتعاون مع الدكتور في جامعة كربلاء تسجيل 6 سلالات من الفطريات التي تصيب المخطوطات وتسجيلها بإسم مركز الامام الحسين عليه السلام, كما شارك المركز بدراسة حول الحشرات التي تهدد المخطوطات في المؤتمر الثاني للتراث المخطوط في العتبة العباسية المقدسة, كما قام الباحث محمد الوائلي بكاتبة رسالة ماجستير دراسة مسحية للفطريات التي تصيب المخطوطات وحساسية العاملين في المركز, والمشاركة الفاعلة في الموسم العلمي الثالث في ماليزيا”.

المخطوط بين ايدي المرممين

وبعد انتهاء مرحلة التحليل المختبري والتي بموجبها تتحدد طريقة الترميم المناسبة لنوع المخطوط, يبدأ المرمم بعملية الترميم.

ويقول خبير الترميم في المركز فراس الاسدي “هنالك طريقتان للترميم هما طريقة الترميم الرطب وتعرف ايضا بطريقة (عجينة الورق) باستخدام جهاز الفاكيوم, وطريقة الترميم الجاف وتعرف ايضا بطريقة (الورق الياباني)”.

ويضيف “يتم خلال عملية الترميم اكمال الاجزاء التالفة من المخطوطة وبشكل يماثل الورق الاصلي للمخطوط, ووفق المواصفات العالمية المتبعة في كليات الترميم العالمية, كما نقوم بترميم جلد المخطوطة اذا كان متضررا وابداله بجلد طبيعي يحاكي الفترة الزمنية التي كتبت فيها المخطوطة”.

إرشادات دولية وعربية

وخلال الفترة الماضية زار المركز عدد من الشخصيات المختصة بالتراث الانساني والاثار, من ابرزها خبيرة المخطوطات بكلية العلوم التطبيقية بجامعة برلين في المانيا ورز كالا, التي قالت “انا سعيدة جدا بما يجري في المركز , الاعمال هنا تسير وفق المواصفات العالمية”.

من جانب اخر, قال مدير عام ترميم المتاحف الاثرية بوزارة الاثار المصرية الدكتور سعيد عبد الحميد “ان امكانيات المركز تفوق الكثير من المراكز العربية التي زرتها”.

صديق الزريجاوي

تصوير : صلاح السباح

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

اترك رد