لماذا ينتحر المواطنون العراقيون

0 149

هادي جلو مرعي
تحدث رجال دين عراقيون عن ظاهرة الإنتحار المقلقة في البلاد في الفترة الأخيرة، وكان آخرهم ممثل المرجعية الدينية في النجف التي تعود الناس أن يستمعوا الى تدخلاتها الدينية في اللحظة التي تشعر فيها إن الأمر بالفعل خطير للغاية، ولايمكن السكوت عليه، ولايبدو إن المتحدثين لديهم رؤية للحل، أو إنهم يستطيعون وضع أفكار مهمة تتلخص في التعريف بالظاهرة وسببها، وماهو الحل الذي يوقف الرغبة المتزايدة بالإنتحار بين الشبان والشابات والنساء بطرق مختلفة، ويدور الحديث حول التحذير، بينما يواصل المنتحرون محاولاتهم البائسة للتخلص من حياتهم التي لايستطيعون مواصلتها.
أسباب الإنتحار عند النساء ليست مشابهة تماما لتلك التي لدى الرجال الذين يبدون أكثر صمودا وقدرة على المناورة، ومواجهة تحديات الحياة، بينما لاتتمكن النساء من إحداث إختراق مهم في حواجز التقاليد والعادات والظروف القاهرة، والرغبة في تكبيلهن تماما، ومنعهن من تحقيق الذات، والبقاء في دائرة التبعية للرجل، والإستسلام له، وفي حالات عدة تم تشخيص أسباب إنتحار سيدات وشابات على إنها تافهة للغاية، ولايمكن القبول بأنها السبب الرئيس الدافع للإنتحار، ولكن ذلك لايبدو مقنعا أيضا. فالنساء في تعاطيهن مع الحوادث يختلفن عن الرجال كثيرا، عدا عن أن السبب الذي نجده تافها يراه غيرنا أساسيا.
المرأة المخنوقة ليست كتلك التي تمتلك بعض الحرية، والعاطل عن العمل ليس كمن يمتلك الملايين، ولديه وظيفة محترمة، ودخل مالي شهري يحميه من عوادي الدهر، والوزير ليس كمثل عامل النظافة، والبرلماني ليس كالموظف الكحيان في أمانة بغداد، والفلاح الذي ينظر الى عصابات منظمة تحرق محصوله الذي ينتظره منذ عام ليس كالتاجر الذي يستورد الحنطة، ويحصل على ملايين الدولارات كأرباح صافية.
القهر والإذلال، والشعور باللاجدوى من الحياة، والبطالة وغياب الحلول للمشاكل كلها عوامل تهيء الأجواء ليأس مطبق، عدا عن الضجر من الحياة، فهناك من ينتحر بعد أن تحقق له كل شيء في هذه الحياة من مجد وشهرة وأموال، وقد كتبت الفنانة الإيطالية داليدا ورقة وجدت عند رأسها تقول فيها، عذرا أصدقائي فالحياة لم تعد تطاق، بينما كانت فنانة مشهورة يركض وراءها المحبون.
فراغ الروح من الإيمان، وعدم مخافة الرب، وإنعدام الأمل بالتغيير، أسباب مهمة في هزيمة الذات، والشعور بأن الخسارة أكبر من أن تحتمل، وقد يكون الضجر سببا في الإنتحار، ولكن يجب الإلتفات الى أسباب الظاهرة، ومحاولة معالجتها من خلال توفير فرص عمل للعاطلين، وتحسين ظروف المعيشة، فالعراقيون لايشعرون بالسعادة، وهذا سبب كاف للرغبة في الخلاص، والإلتحاق بالموتى.

اترك رد