الناجيات السُنّيات من سجون داعش في القائم: معاناة وتحديات والدور الحكومي في دعْمِهن

8

 

*الحقوقية انوار داود الخفاجي*

تمهيد للمفال.
( معاناة الناجية من سجون داعش في القائم (هيفاء خلف جاسم) ومناشدتها للسيد رئيس الوزراء محمد شياع السواداني والحكومة بمساعدتها مع الناجيات من الفقر والاهمال والتهميش).
(٠٧٨٠٦٤٥٦٧٥٧)
شهدت مدينة القائم العراقية، الواقعة على الحدود مع سوريا، سنوات من المعاناة المروّعة تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي. كانت النساء السُنّيات في القائم ضحايا مباشرًا لسياسة التنظيم الوحشية، حيث تعرضن للسجن والانتهاكات الجسدية والنفسية التي تركت أثرًا عميقًا على حياتهن. ومع تحرير المدينة، برزت قضية الناجيات كواحدة من أكبر التحديات الإنسانية والمجتمعية، ما أثار الحاجة إلى تدخل حكومي فعّال لدعمهن ومساعدتهن على تجاوز محنتهن.

*معاناة الناجيات من سجون داعش**

عندما سيطر تنظيم داعش على القائم، فرض قوانينه المتشددة التي استهدفت النساء بشكل خاص. أي مخالفة بسيطة للقواعد الصارمة المتعلقة باللباس، الحركة، أو حتى التعبير عن الرأي كانت كافية لاعتقال النساء ووضعهن في السجون. هذه السجون لم تكن مجرد أماكن احتجاز عادية، بل كانت مراكز للرعب والانتهاك المنهجي.

تعرضت النساء السُنّيات في تلك السجون لصنوف متعددة من العذاب النفسي والجسدي. شملت الانتهاكات ، التعذيب، والإجبار على الزواج القسري من مقاتلي التنظيم. كما تم بيعهن في أسواق النخاسة، حيث كانت النساء يُعاملن كغنائم حرب. الظروف داخل السجون كانت كارثية، حيث انتشر الجوع والمرض، إضافة إلى سوء المعاملة اليومية.

بعد تحرير مدينة القائم، واجهت الناجيات تحديات كبيرة في العودة إلى حياتهن الطبيعية. الصدمة النفسية التي تعرضن لها بسبب التعذيب تركت ندوبًا عميقة في نفوسهن. الكثير منهن فقدن أفرادًا من عائلاتهن أو شاهدن مآسي لا يمكن محوها من الذاكرة.

إلى جانب المعاناة النفسية، واجهت الناجيات تحديات اجتماعية جسيمة. في المجتمعات التقليدية، قد تُعتبر النساء اللواتي تعرضن للسجن أو الأسر وصمة عار، مما أدى إلى نبذ بعضهن من قبل عائلاتهن أو مجتمعاتهن. هذه النظرة المجتمعية جعلت من إعادة اندماجهن تحديًا أصعب.

أدركت الحكومة العراقية أهمية التدخل لدعم الناجيات من سجون داعش، خاصة في المناطق المحررة مثل القائم. تمثّل الدور الحكومي في تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، مثل توفير المأوى، الغذاء، والعناية الطبية للناجيات.

كما أطلقت الحكومة بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية برامج لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي. هذه البرامج تهدف إلى مساعدة الناجيات على تجاوز صدماتهن النفسية واستعادة ثقتهن بأنفسهن. تقديم الدعم النفسي من خلال جلسات العلاج الجماعي والفردي كان جزءًا أساسيًا من هذه الجهود.

علاوة على ذلك، تعمل الحكومة على توفير فرص التعليم والعمل للناجيات، بهدف تمكينهن اقتصاديًا واجتماعيًا. إعادة بناء حياتهن تعتمد بشكل كبير على توفير بيئة داعمة تحميهن من العزلة المجتمعية وتعيد لهن الشعور بالأمان والاستقرار.

رغم الجهود المبذولة، تواجه الحكومة العراقية تحديات كبيرة في دعم الناجيات. ضعف التمويل، نقص الخبرات في مجال التأهيل النفسي، وضغط الأزمات المتعددة التي تعاني منها البلاد، كلها عوامل تؤثر على فعالية هذه الجهود.

إضافة إلى ذلك، تحتاج الحكومة إلى بذل المزيد من الجهد لتغيير النظرة الاجتماعية تجاه الناجيات، من خلال حملات توعية مجتمعية تُبرز معاناتهن وتؤكد أنهن ضحايا وليس لهن ذنب فيما تعرضن له.

واخيرا الناجيات السُنّيات من سجون داعش في القائم يجسدن قصة معاناة إنسانية عميقة، لكنها أيضًا قصة صمود وشجاعة. دعمهن ليس مسؤولية الحكومة فحسب، بل هو واجب مجتمعي وإنساني. يجب أن تتضافر الجهود الحكومية والمجتمعية والدولية لضمان حصولهن على العدالة، الرعاية، والفرصة لإعادة بناء حياتهن. إن مساعدة هؤلاء النساء تمثل خطوة أساسية نحو التعافي من إرث داعش المظلم وبناء مستقبل أكثر إشراقًا للعراق.

التعليقات مغلقة ، لكن٪ strackbacks٪ s و pingbacks مفتوحة.