هادي جلو مرعي
كنت أسمع، وربما قرأت عن سلوك شاذ، ولكنه معتاد في بلدان غربية عن حفلات تقام في بيوت، ويتم إطفاء الأنوار، ويقوم كل رجل بإختيار إمرأة يأخذها مع مفتاح السيارة والبيت الى منزلها بدلا من زوجها الذي إختار واحدة أخرى، ويمثل ذلك نوعا من محاولة الإستمتاع بالحياة بالطريقة الممكنة بإعتبار إن هذه الحياة هي النهاية، وليس من شيء من بعدها، لكن ذلك في الواقع نوع من الشذوذ الذي يضرب البشرية بدءا من العلاقات الجنسية المثلية، وتشريع زواج المثليين، والخروج عن قوانين الطبيعة ورميها بالجزمة، مع توجه غريب لدى البشرية عموما، ولدى العرب والمسلمين خاصة الى ممارسة سلوكيات شاذة مصبوغة بصبغة مادية بالكامل دون شعور بالخجل، أو التردد، أو الخوف من القانون، أو من الله، وتجاهل الأديان والتعاليم الأخلاقية بوصفها طارئة، ولاقيمة لها، أو هي صادمة ومضللة وسيئة، يصحب ذلك حملة على الأديان ورجال الدين بوصمهم بسلوك شائن وفساد، ويتحمل هولاء جزءا من المسؤولية، وربما يصلح سلوك الكنيسة الأوربية قبل مئات من الأعوام ليكون مثلا على الإنحراف، ماأدى الى ثورة دينية داخلية، وظهور البروتستانتية وحبس الكنيسة في داخلها، ومنعها من ممارسة السياسة والتسلط على الناس والدخول في إستثمارات كبرى.
نمر في الشرق الأوسط بمرحلة مشابهة لمرحلة تسلط الكنيسة، ثم هزيمتها المذلة في أوربا، فتسلط الجماعات الدينية المتطرفة، وممارستها الشذوذ الفكري، والتفجير، والتهجير، والتكفير، والذبح، وصعود مجموعات دينية الى السلطة، وفشلها الذريع في إقناع الناس بجدارتها في الحكم والإدارة، مع تماهي جماعات دينية مع حكومات فاسدة ومتجبرة ومؤسسات محترمة أخذت جانب السلطة، كل ذلك أدى الى ردات فعل شعبية كبيرة، وأغلب الناس لم يتخلوا عموما عن تدينهم وصلواتهم، لكنهم في الغالب مستاءون من سلوك رجال الدين، ومن دخول قوى الإسلام السياسي الى معترك الحياة السياسية، ودفع البلدان العربية خاصة، وبعض المسلمة الى ساحات مواجهة سياسية وعسكرية ودينية، وكأن الحاكمين الدينيين هم الصلحاء، بينما الناس فاسقون منحرفون يجب محاربتهم، وقد تم رصد سلوكيات شائنة من جماعات دينية متطرفة تحرم بيع السجائر، ولكنها تمارس الجنس من خلال الإغتصاب، وخطف النساء، وسبيهن بطريقة بشعة.
تولدت قناعات ليست حقيقية، ولكنها نتاج بيئة فاسدة فكريا لدى المجتمعات العربية والمسلمة، وسببها ذلك السلوك الديني المتشدد، ماأدى الى فراغ روحي رهيب يسيطر على مساحة العقل والقلب لدى الإنسان المسلم، فظهرت حالات شذوذ رهيبة، وأنماط تفكير صادمة، كالإلحاد خاصة في بلدان تطبق الشريعة الإسلامية، والشذوذ الجنسي، والعلاقات بين المثليين، والمطالبة بحقوقهم وإنتشار الزنى الفاضح مع تطور تقنيات الأنترنت، وكثرة حالات الطلاق، وتفكك الأسرة، وإنتشار أفكار متطرفة تهاجم الدين، وتنفي وجود الرب.
هناك إحتمال كبير بثورة ضد المؤسسات الدينية ورجال الدين والمنظمات الدينية، مع إستمرار الإيمان الديني متأرجحا في المجتمعات المسلمة، وربما نشهد مرحلة من التمرد الشعبي، وتراجع القوى الدينية، وتقديمها لتنازلات. هناك إنحراف بشري عن الطبيعة الحقة.
المقال السابق