هادي جلو مرعي
قرأت ماقيل: إنها رسالة نسجها المغني العراقي حسين نعمة يقول فيها مخاطبا دولا في الخليج: إنه في حال من الحرمان والعوز، وإن لديه ثلاثة أولاد لم يجد لهم فرصة عمل، ويتوسل زعامات تلك الدول بالموافقة على إنتقاله وأسرته ليعيش في إحداها. وقرأت قبل ذلك رسائل مزقتها الأزمنة، والهوامش البالية لشعراء ورسامين وممثلين ومغنين وعباقرة في فنون شتى. ومررت بأحياء وبيوت وحارات، ووجدت المثقفين الجياع، والمترفين بأرصدة حزن لاتسعها بنوك الحكومة، ولاحتى المصارف الأهلية، ولامزاد العملة اليومي النازف بالدولار. قبل أن أقرأ الرسالة التي كتبها صاحب أغنية (ياحريمة، ويل شاتل العودين، والعزيز إنت ياشمعتنا وأملنا) وسواها مررت برسام مبدع عبقري في إبداعه يقف خلف جدار متهالك، وحين سألته: عرفت منه كم هو مبدع، لكنني حزنت لحاله، وقال لي صديق: إنه حارس المبنى، يسهر لكي لايموت جوعا. فلم اعترض، وشكرت الله أني لم أكن رساما، ولامغنيا، ولاشاعرا، ولاصحفيا لكي لاأكون مداحا لحاكم، أو عضوا في فيلق الإعلام، ثم أسيح في الأرض بلاأمل، ولاكرامة، ولاشعور بالحياة والحرية.
مجلس النواب في إستعراض غير ملائم قيل إنه طلب حضور الفنان حسين نعمة الى بغداد.ولاأدري ماهو الجديد في الأمر.فهل سيتم الإستماع لمعاناة يعرفها الجميع، ويشارك نعمة فيها شعراء ومغنون بعضهم مات ذليلا، وبعضهم عاش عليلا، ولم يجدوا من يقدم لهم يد العون إلا ماندر، وكان حريا بقادة المجلس وأعضاء المجلس أن يتفقوا على صياغة قانون يسمونه ( قانون حماية المثقف) على غرار حماية المستهلك!! وأن يتم صياغة القانون ليشمل الطبقات المبدعة التي يعرف الجميع أنها غير محمية كالصحفيين والشعراء والمغنين والممثلين والكتاب، ليكونوا في مأمن من نوائب الدهر ومصائب الحياة الفانية.
يمكن أن نأتي بشاعر، أو صحفي، أو مغن، ويمكن منحه بعض المال، أو توفير فرصة عمل لواحد من أبنائه، ولكن كيف نتصرف مع آلاف المبدعين الذين قطعت عنهم المنحة السنوية التي لو قسمت على شهور السنة لكانت حصة المثقف 70 دولارا منها في نهاية كل شهر.
نحن نعيش أزمة حقيقية تتمثل في عدم القدرة على إدارة الدولة، بينما ينشغل مسؤولون وجهات نافذة في معركة تحصيل المكاسب، وعدم تفويت الفرص، بينما عامة الشعب ومثقفيه ومبدعيه فلاأحد يلتفت إليهم.