هادي جلو مرعي
أود أولا أن أحيي السادة ممثلي الشعب الكردي على شجاعتهم، وتمكنهم من حمل البرلمان العراقي، وخاصة الكتل التي كانت زعاماتها ونوابها يغازلون السذج والبسطاء بشعارات تستهدف السيد مسعود البرزاني وقيادات كردية أخرى على التصويت وبأريحية للموازنة الإتحادية للعام 2019 وإيقاع الحكومة في الكمين بعد أن أوهموا السيد عادل عبد المهدي أنه موثوق به، ويحظى بكامل الدعم منهم لكنهم تركوه حتى قبل أن يصل نصف الطريق، وحتى قبل أن تكتمل حكومته العتيدة التي تعاني من عقدة النقص، والتي تشتهي الكمال دون أن تكتمل.
في الواقع فإن المنازلة ليست تعبيرا ملائما لبلد يعاني، ولكن يمكن القول: إن السياسة تعد نوعا من النزال من أجل تحقيق مكاسب مشروعة، أو غير مشروعة، وقد ينتج عنها مشاكل كبيرة.وقلنا: إن السياسة تعتمد الغزل في الغالب للوصول الى المكاسب، وأخطر انواع الغزل تلك التي يتم من خلالها تجاهل العامة والرعية، وتحقيق المصالح الحزبية والسياسية والخاصة بالأفراد والجماعات المتنفذة والمقتدرة التي تتبادل الأدوار.
هناك من يرى، وهو محق إن التصويت على الموازنة العامة للعام الجاري لم تتم على أساس التوزيع العادل للأموال الوطنية بل جرى توزيعها وفقا لإتفاقات مسبقة بين الكتل السياسية، وقد صرح لي مراقب: إن النواب ليسو مذنبين بالكامل لأنهم لايملكون القرار بالكامل، وإن بعض التنازلات حصلت لحساب الأخوة الكورد الذين ضغطوا ماأمكنهم لتحقيق أكبر قدر من التخصيصات المالية للموظفين وللبيشمركة خاصة وإن قسما من أموال النفط لاتصل الى بغداد، وهذا يعني قوة المفاوض الكردي وجدارته في مقابل بقية المفاوضين الذين كانوا يركزون على تحقيق مصالحهم، والحفاظ على مكاسبهم ومناصبهم، وتأمين الدعم لبعض قادة الكتل الذين لديهم مطامح سياسية، خاصة الذين يريدون الحصول على مناصب عليا في الدورة البرلمانية الحالية.
حكومة عبد المهدي ستدفع الثمن لأن توزيع الأموال والتخصيصات تم بطريقة شبه ساذجة وعفوية، ولم تكن علمية، ووفقا لحسابات دقيقة تضمن مصالح المكونات والمحافظات، ومشاريع الإعمار، وحقوق المستثمرين والقوات الأمنية بمختلف الصنوف ورواتب الموظفين وسواها من تخصيصات… الغزل لطيف ولكنه سخيف حين يكون حساب وطن.