اكد سيادة رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح أن “التعثرُ السياسي الراهن في التفاهم على إكمال الحقائبِ الوزارية عائقٌ لا ينبغي التهوين من ضررِه على مسار العمل المتوقَّعِ منا جميعا، في السلطتين التشريعية والتنفيذية”، مشيرا الى اهمية تجاوزه بحسنِ التفاهم وبالركون إلى المصلحة الوطنية العليا في هذا الظرف المعقد محليا وإقليمياً”.
وقال سيادته في كلمة لدى حضوره احتفالية تحالف البناء، اليوم السبت 15-12-2018، بمناسبة يوم النصر، إن ” أن هناك مهماتٍ كثيرةً تنتظر السلطتين التشريعية والتنفيذية وذلك بعد مضي أشهر على الانتخاباتِ، وفي المقدمة من هذه المهمات، كما قلت، هو التعجيل والسعي الجاد لإكمال الكابينة الحكومية “.
وشدد الرئيس برهم صالح على ضرورة “مواجهة استحقاق استكمال تشكيل الحكومة، ودعم رئيس مجلس الوزراء الدكتور عادل عبد المهدي في مهمته الوطنية الصعبة والحساسة”، لافتاً الى اهمية “تعزيزِ النصر العسكري بانتصارٍ سياسي ليكونَ بلدُنا في وضعٍ أكثر أماناً واستقراراً وسط الأجواء الإقليمية الساخنة”.
وبشأن الاوضاع في مدينة البصرة قال سيادته إن “التطورات في البصرة مقلقة”، داعيا الى “تهدئة النفوس و الانتصار الى حلول قانونية دستورية هادفة والى استثمار كل إمكانياتنا لخدمة اهلنا في البصرة،” مشددا على ضرورة توفير المياه الصالحة للشرب لأبناء المحافظة.
وفي مايلي نص كلمة سيادة رئيس الجمهورية:
“بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكيم)
صدق الله العظيم
السيدات والسادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إنها مناسبةُ النصر العظيم الذي تحقق على أيدي العراقيين، وقد توحدتْ همتُهم فتعززت إرادتُهم من أجلِ النصر والتحريرِ من دنس الإرهاب الداعشي المجرم.
إنها واحدة من العِبَر المهمة للتحدي الخطير الذي واجهه الشعبُ موحداً وراء قواتِه المسلحة البطلة ومتطوعيه الشجعان، وأهم ما في هذا الدرس والعبرة هو القيمةُ البليغة لوحدتِنا ووحدةِ إرادتِنا، فانتصرنا. في هذه المناسبة يجب ان نذكر أنفسنا بحراجة الموقف عندما استباح داعش الوطن، لا ننسى ان هذا النصر تحقق بنداء المرجعية العليا في تلك اللحظة التاريخية الحرجة و بهمة المقاتلين و المجاهدين العراقيين من الجيش و الشرطة و الحشد و البيشمركه و الحشد العشائري و غيرهم، نذكر أنفسنا بالتضحيات الجسام التي قدمها العراقيون، ولا ننسى أو نتناسى الشهداء الذين قضوا في الدفاع عن الوطن، ولا ننسى المآسي و الكوارث و الدمار الذي تعرض اليه هذا الشعب، نذكر أنفسنا ونستذكر التضحيات و الآلام و الشهداء و الجرحى و بطولات مقاتلينا في هذه المناسبة، نذكر أنفسنا (وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين،) عسى ولعل ان لا نستخف بحجم هذا الانجاز وأن لانستخف بحجم هذا النصر وأهميته ويقينا ان لا نستخف بحجم وخطورة التحديات القادمة.
إذا كان النصرُ المتحقق على داعش عسكرياً، يقينا هذا يتطلب تعزيزَه بنصرٍ آخر سياسيٍّ وتشريعي وخدمي يضع حداً للفساد ونبدأ به عملياتِ الإعمار والبناء، فإن هذا النصر السياسي يتطلب هو الآخر وحدةً في الموقفِ والإرادة وتذليلِ المشكلات بروحِ الحوارِ والتحاور بين الفرقاء، يتطلب محاربة جدية للفساد وجهدا استثنائيا لتحسين واقع الخدمات، والاهم في هذه المرحلة مواجهة استحقاق استكمال تشكيل الحكومة ودعم اخينا رئيس مجلس الوزراء الدكتور عادل عبد المهدي في مهمته الوطنية الصعبة والحساسة.
بالتأكيد أن هناك مهماتٍ كثيرةً تنتظر السلطتين التشريعية والتنفيذية وذلك بعد مضي أشهر على الانتخاباتِ، وفي المقدمة من هذه المهمات، كما قلت، هو التعجيل والسعي الجاد لإكمال الكابينة الحكومية.
فبعد التضحيات العالية للعراقيين وانتصارهم على داعش تأتي أهمية استكمال تشكيلة الحكومة كنقطة تحول في مسار البلاد، ورسالة ضرورية من الكتل السياسية للشعب العراقي رسالة جدية في التجاوب مع استحقاقات المواطنين فيما يتعلق بتكريس الأمن وترسيخه وتقديم الخدمات. هذا التغيير وهذا التحول يتطلب الشروع في إصلاحات داخلية أساسية، وسياسية واقتصادية على السواء.
لا أخفيكم وليس بخاف على أحد، فالتعثرُ السياسي الراهن في التفاهم على إكمال الحقائبِ الوزارية عائقٌ لا ينبغي التهوين من ضررِه على مسار العمل المتوقَّعِ منا جميعا في السلطتيين التشريعية والتنفيذية. ولكن هذا ما لا يمكن تجاوزُه الا بحسنِ التفاهم وبالركون إلى المصلحة الوطنية العليا، وبالذات في هذا الظرف المعقد إقليمياً ودولياً.
ان نرى اختلافات في وجهات النظر بين الكتل والقوى السياسية فذلك امر طبيعي، لكن هذا الحراك السياسي يجب ان لا يتحول الى خلافٍ يهدد سلامة المشروع الوطني في بناء الدولة واستكمال مؤسساتها ومشروع بنائها وخصوصاً مع حاجتنا الماسة الى هذه إلاصلاحات الداخلية السياسية والاقتصادية. ولا ننسى ان الحراك الحالي يستنزف الكثير من جهودنا وطاقاتنا، وعلينا، على كل الكتل والفرقاء، أن نطوي هذه الصفحة بالتسامح والتواصل ونعيد الأمل لشبابنا.
يؤسفني ان أقول ان هذا الحراك بدأ يتمدد على بعض مجالس المحافظات أيضا. فالتطورات في البصرة مقلقة و علينا تهدئة النفوس والانتصار الى حلول قانونية دستورية هادفة الى استثمار كل إمكانياتنا لخدمة أهلنا في البصرة والمحافظات، كيف لنا ان نبرر هذه الوضعية حيث أزمة توفير مياه الشرب لمواطنينا والقائمون على شؤون المحافظة منهمكين بمثل هذه التنازعات و الصراعات العبثية.
فعليه أمامنا الكثيرُ مما يجب الشروعُ فيه بالعمل الجاد من أجلِه؛ وفي المقدمة محاربةُ الفساد، بإجراءاتٍ تنفيذية وتشريعية وقضائية حازمة وعادلة.
وأمامنا الكثير مما يأمله الشعبُ من الحكومةِ من خدماتٍ في مختلف المجالات والمستويات.
أمامنا ايضاً جوانبُ تشريعيةٌ كثيرة تعضّد مسارَ العمل السياسي وترصّن العمليةَ السياسية.
أمامنا مهمة تكريس الامن في المناطق المحررة والسعي نحو بناء منظومة امن متكاملة وليست متقاطعة، منظومة تساعد وترسخ سلطة القانون وتؤكد مرجعية القضاء والقوى المعنية باحلال الامن والعدالة.
أمامنا مسؤولية بناء المدن المدمَّرة وتأمينِ ظروف عودةِ النازحين والمهجرين، ورعايةِ أسر الشهداء والجرحى من أبطال الجيش والشرطة والحشد الشعبي والبيشمركه وأبناء العشائر.
أمامنا تعزيز الوحدة الوطنية بتوطيد الصلة ما بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان على أساس الدستور وبما يضمن الوصول إلى حلول جذرية في هذا المجال.
هذه وغيرها من التفاصيل هي مسؤوليات تفرض علينا جميعا سرعةَ الأداء وحُسنَ التفاهم والركونَ إلى مبدأ التنازلاتِ المشتركة لصالح ما هو وطني وجامع. إنها تنازلات لا خاسر فيها مادامت نتائجُها تصبُّ في صالح التفاهم الوطني البنّاء.
هذه مسؤولياتٌ من الضروري النهوضُ بها من أجل تعزيزِ النصر العسكري بانتصارٍ سياسي لا بد منه ليكونَ بلدُنا في وضعٍ أكثر أماناً واستقراراً لابد منه لنحافظ على هذا النصر الكبير والعظيم المتحقق بهمة العراقيين وتضحياتهم.
لا يسعني في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة مرة أخرى الا ان أوجه تحية اكبار واجلال لجيشنا العراقي الباسل، فرسان مكافحة الارهاب وابطال الحشد الشعبي واشاوس البيشمركه والعشائر وهم يصنعون النصر ويقفون الى جانب شعبهم وأمتهم وقفة رجل واحد دفاعا عن الارض والعرض والسيادة والشرف والكرامة وتاريخ بلدنا.. لن ننسَ طيران الجيش والقوة الجوية والشرطة الاتحادية الذين صمدوا في سوح المقاومة الوطنية وابلوا بلاءً كبيرا للذود عن الوطن وكرامة الابناء.
التحية وكل التحية والتقدير لكل الذين لبوا نداءَ المرجعية وعملوا من أجل تحقيق هذا النصر العظيم.
تحية اكبار واجلال إلى مرجعيتنا في النجف الأشرف وفتواها التاريخية في تلك اللحظات الحرجة.
الشكر والامتنان لكل مَن وقف مع العراق في الحرب ضد داعش، من قواتِ التحالف الدولي ومن جيرانِنا وأصدقائِنا وحلفائنا في الجمهورية الاسلامية.
المجدُ لشهدائنا،
والنصرُ لهذا الشعب الأبي المجاهد المكافح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.