عن الحب أكتب

0 161

هادي جلو مرعي
بينما فكرت بهذا، وكتبت عن أشياء وأوهام كنت أراقب مشهد الفتى جلال الدين وهو ينزل السفح بإتجاه النهر، ويغري صديقته بوجود الضفاع هناك.نزلت وكانت متوهجة ومترقبة. كانت تعرفت إليه من ساعات، وقد جاءت هاربة من (سمرقند) التي إقتحمها المغول، وأعملوا باهلها القتل والنهب والدمار الى (بلخ) التي يعيش فيها جلال.
صدح صوت من خلال الجبال والاودية والأشجار هاتفا بأن الجمال والحب يتطلبان مغادرة هذا العالم ولو لبعض الوقت، والسفر مع غيمة بيضاء تتهادى في الأفق البعيد نحو الشرق في موكب يضم الآف الغيمات البيض، في سماء زرقاء صافية، في وقت لاهو شتاء، ولاهو ربيع، بل ربما في وقت مقدم الربيع. ويرسم العاشق صورة لإمراة يتخيلها من بين ملايين النساء على الارض شقراء، أو سمراء، أو صفراء، وربما زنجية إستهوته على حين غرة، أو بقصد مادام هو مسافر، ولايرى الجمال في اللون والشكل والطول والعرض، بل في الروح المسافرة.
الحب عندي ليس جسدا يتنقل بين العذابات، بل هو روح لاتهرم، ولاتذوي، ولاتتعب، وتظل تظل تسافر مع الغيم في خيال لاينقطع.الحب الذي أحتاج هو الكلمة المجردة عن الأنانية وأمراض العقل وأوهامه والضغائن التي تعتمل في النفس..الحب هو أغنية بلحن جميل. هو بحر لايكل ولايمل من القفز الى أعلى وأسفل، صانعا الموجات التي تضرب الساحل، وتحدث صوتا يشدنا إليه، وكأننا نغرق في حلم.الحب هو الوادي البعيد الذي يزخر بالماء والشجر والزهر الندي، وبأصوات شتى بين زقزقة وهديل ونواح طير ضل مساره في الأعالي. الحب لحظة سكون وتأمل وسفر ورغبة في الهروب من عالم يطاردنا بالأحزان والعذابات والغربة..بل الغربة شيء آخر لأنها غربة نحتاجها لنبتعد عن مساويء العالم المادي البغيض..الحب حلم لاندركه. وهم لانبصره. علم نجهله.شكل نتصوره، ولانلمسه.. حين يلمس أرواحنا ندرك كم هو قريب منا، ومتمكن من دواخلنا.. الحب هو الذي يدفعنا للقول حين يغيب الحبيب عنا:
يامن يعز علينا أن نفارقهم
وجداننا كل شيء بعدكم عدم

اترك رد