إنتهت الجولة الأولى من سباق الإنتخابات العراقية، للدورة الإنتخابية الرابعة، وهي عملية التصويت من قبل الشعب مصدر السلطات، لتحظى الكتل السياسية بأصوات الناخبين، كل حسب وزن مقبوليته لدى الشارع، والغريب إن في عموم الأنظمة الديمقراطية، تكون هذه الجولة حاسمة، إلا في العراق، وتلك من مغالطات النظام السياسي في العراق، وهذه المعضلة كانت من الأسباب الرئيسية، التي أثرت سلبا” على مشاركة الجمهور، لذا لاحظنا تراجع نسبة المشاركة بالتصويت العام، بالإضافة لأسباب أخرى، وكانت نسب غير مطمئنة، وهي سابقة خطيرة على المدى القريب.
المرحلة الحاسمة في تشكيل الحكومة الجديدة، هي مرحلة التحالفات، التي من خلالها سوف تبرز الكتلة البرلمانية الأكبر، والتي بدورها ستكون النواة للحكومة التنفيذية، وما يصعب هذه المرحلة عاملين، الأول.. المدد الزمنية الدستورية المحددة، لإنعقاد البرلمان الجديد، وأنتخاب الرئاسات الثلاث، وتقديم الحقيبة الوزارية ومنحها ثقة البرلمان، والبالغة قرابة 60 يوم، من بعد مصادقة المحكمة الإتحادية، على نتائج الإنتخابات، والعامل الثاني.. التدخل الخارجي وصراع تقاطع المحاور، داخل العملية السياسية، وبموافقة وتبعية غالبية الساسة العراقيين، وأمام ضغط هذين العاملين، سوف نذهب بالغالب للتوافقية المقيتة.
لذلك من المتوقع أن يترشح عن هذا الحراك السياسي المعقد، إحتمالات عدة، لكن الأقرب للواقع، الذهاب للحكومة التوافقية، أي مشاركة كل الكتل الفائزة، لتكون الوزارة الجديدة، إستنساخ لسابقاتها من الحكومات الماضية، وليس من تغيير في الهيكل البنائي، أما الإحتمال الأخر والذي تكتنفه صعوبة كبيرة، الذهاب لحكومة الأغلبية التوافقية، وهي ليست كالأغلبية السياسية أو الوطنية، يكون نواتها بعض تشكيلات التحالف الوطني أو غالبها، بشرط أن تحقق نسبة ثلثي عدد مقاعد البرلمان.
وفي كلتا الحالتين أو أية حالة أخرى، السؤال الذي يطرح أو يثار، من أي الكتل يكون رئيس الوزارة القادمة، إن مما لا شك فيه، وحسب العرف السياسي السائد، أن يكون رئيس مجلس الوزراء، من التحالف الوطني الشيعي، وليس ذلك فقط، بل يجب أن من تكتل شيعي كبير، ليكون عمقه ثابت غير مهتز، عليه ستبرز ثلالث قوائم، تتنافس لنيل هذا المغنم السياسي، والقوائم هي سائرون والفتح وقائمة السيد العبادي النصر، وضمن هذه الأحجية المعقدة، فإن حزب الدعوة، متمسك بهذا المنصب لما له من إعتبارات مادية ومعنوية، وتأثير كبير على القرارات التنفيذية والقضائية، وما يزيد حظوظ حزب الدعوة بذلك، وجود قائمة المالكي، بين القوائم التي حصلت على أصوات، جعلتها ضمن المربع الذهبي الشيعي.
وفق هذه المعادلة، فإن سائرون سوف تدخل خط التنافس، على رئاسة الوزارة القادمة، لكن حظوظها ليست كبيرة، كونها قائمة تضم عديد من الكيانات الحزبية الأخرى، ولا تنحصر بالتيار الصدري بعينه، ثم إن هذا الأمر يحتاج لإتلاف أكثر من قائمة شيعية، وسائرون أقرب للعبادي من الفتح، لأسباب عدة يطول الحديث عنها، وعليه هنا تبرز حظوظ السيد العبادي أكثر، كونه يستطيع الإنفتاح على الفتح ودولة القانون، وباقي المكونات الأخرى، ونفس الحال ينسحب على الفتح، فحظوظه أمام العبادي أضعف، أما النصر ودولة القانون المرشح لإتلافهما، من أجل الحفاظ على رئاسة الوزارة، فنصيب العبادي أكبر بكثير من المالكي، كأصوات ومقبولية لدى المكونات السياسية الأخرى، وحتى المرجعية الدينية.