محمد عبد الجبار الشبوط
في مقال “الفرصة الاخيرة” ذكرت ان نجاح الثلاثي (محمد الحلبوسي وبرهم صالح وعادل عبد المهدي) يتوقف على توفير جملة شروط منها على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر:
الشرط الاول هو التحرر من العوامل التي قادت الدولة الى ما نحن فيه. التحرر من الذهنية السائدة لدى الطبقة السياسية الراهنة والتي من مفرداتها: المحاصصة، المكونات، الاستحقاق الانتخابي… الخ.
الشرط الثاني تكوين رؤية بديلة لبناء الدولة، قادرة على الانجاز وبالتالي الفوز برضا الجمهور.
الشرط الثالث، شن حملة موازية جذرية على الفساد بالعودة الى جذور الفساد وحلقات انتشاره من ادنى مستوى الى اعلاها.
الشرط الرابع، شن حملة موازية لتحسين الخدمات واعادة الاعمار في المجالات التي لا تتحمل الانتظار.
وقد سقط الشرط الرابع في المقال المنشور، الامر الذي شجعني على اعادة نشر الشروط مع استثمار الفرصة للتوسع بالشرط الرابع.
قيمة هذا الشرط تكمن في كونه استجابة مباشرة لطلبات المواطنين وحلا سريعا للمعاناة التي يتعرضون لها بسبب سوء او تردي او انعدام الخدمات الضرورية للحياة والتي لا يمكن ان تستقيم حياة المواطن بدونها.
ولا يمكن ان يقنع المواطن المبتلى بسوء الخدمات بالكلام اللطيف المنطوي على وعد عام بتحسين ظروف الحياة بعد زمن طويل. هذا مع العلم ان تحقيق بعض الاهداف يحتاج الى زمن طويل. لكني اظن ان المواطن يمكن ان يقبل بالصبر على الاهداف البعيدة اذا لمس تحقق الاهداف القريبة. وتحسين الخدمات من الاهداف القريبة بل الملحة التي يطالب بها الجمهور.
ومن هذه الخدمات: الكهرباء، والماء، والخدمات الصحية، وتبسيط الاجراءات.
وقد كثر الحديث عن هذه الخدمات بحيث اصبح جله معادا. لكن ما لا بأس من اعادته هو القول بان الدولة بوضعها الحالي لا تبدو قادرة على تقديم انجاز سريع ملموس على طريق تحسين الخدمات المذكورة.
والحل الحكومي يتطلب (١) تعديل قوانين تنفيذ العقود الحكومية للتخلص من الروتين الحكومي القاتل، و (٢) وضع خطط علمية مدروسة بدقة لتحسين الخدمات، و (٣) توفر درجة عالية من اخلاص الكادر الوظيفي الذي سيناط به تنفيذ هذه الخطط و (٤) المال الكافي لذلك.
وقد مضى ١٥ عاما دون ان تتمكن الدولة من تحقيق اي شيء مما ذكر، ما يستدعي البحث عن حلول من خارج السياق الحكومي ريثما يتمكن الثلاثي الجديد من توفير النقاط الاربع المذكورة. وهذا يمكن ان يتوفر خلال الستة اشهر الاولى من ولاية الحكومة الجديدة لو توفرت النية الصادقة.
في هذه الاثناء قد تجد الحكومة حلولا لمشاكل تحسين الخدمات عند القطاع الخاص والمستثمر الاجنبي. ولتشجيع هذين الطرفين، فاننا بحاجة الى تشريع قوانين تسهل عملهم وتيسره من جهة. والى مكافحة جادة للفساد الاداري والمالي خاصة في الحلقات الوسيطة وما دونها في الجهاز الحكومي.
لقد اثبتت التجربة في بلدان اخرى ان تحسين الخدمات ليست معضلة كبرى، وانه بالامكان تحقيق ذلك من خلال سلوك طرق جديدة لتحقيق ذلك، مع ارادة صادقة وقوية لذلك.
يستطيع رئيس الوزراء المقبل تشكيل فريق خاص لقيادة الجهد الخاص بتحسين الخدمات بصورة عاجلة يضم الوزارات ذات العلاقة والقطاع الخاص وممثلي اللجان ذات العلاقة في البرلمان لوضع الخطة العاجلة لتحسين الخدمات والمباشرة بتنفيذها خلال الاشهر الستة الاولى من عمر الحكومة.
يمكن ان تنجح هذه الخطة اذا تم تشكيل الحكومة على اساس الخبرة والكفاءة والنزاهة وليس على اساس المحاصصة والاستحقاق الانتخابي والتوازنات الحزبية. وبخلافة لا يمكن التفكير بالنجاح.