هادي جلو مرعي
يكتب المسؤول الرفيع ادنى الورقة على مكتبه الوثير: هامش مدير ال…….. فيذهب موظف الخدمة الى مكتب مدير ال…. ويضع الورقة على مكتبه فيتأملها ويقرأ مافيها من كلمات سوداء، وحين يكمل القراءة يكتب في أسفل الورقة: تم التهميش! وهذا مبلغ علمه، فقد فهم من هامش المسؤول الرفيع ان عبارة( هامش مدير ال…) يقرأ كلمة هامش، ثم يكتب: تم التهميش.
في الواقع فإن التهميش رسالة خطرة، وفكرة سيئة تقود الى الكارثة.فحين تضع الفاشل والفاسد في مكان صاحب القرار، وتضع الكفوء والعالم والمبدع في مكان المنفذ لأوامر الفاشلين، فإنك تقود الى الهاوية، وتحابي هذه الجهة، أو تلك خوفا، أو طمعا، ويتركز همك على منصبك، فتجامل وتجامل حتى تضيع ويضيع معك وطن بكامله. وهذا مايحصل في العراق منذ عقود، وليس الآن وحسب، فكان النظام السياسي ينصب مسؤولين ليسوا من أهل الإختصاص، فيخربون مؤسسات، ويذلون العاملين فيها من خبراء ومهندسين وأطباء وتقنيين، وماتزال تلك الطريقة في التنصيب متبعة حتى اليوم.
يقال: أن مواطنا كان يشتغل في بيع طعام الحيوانات الداجنة، وربما الماشية، وحين حكمت الفوضى بلده موزمبيق تولى منصبا رفيعا، لكنه بقي على علاقة بعمله السابق، وفي مرة أمر بتوجيه كتاب رسمي الى عدد من مؤسسات وزارته، ولم يكن متنبها الى كلمة كتبها في الأسفل. الأعلاف.
تنهض الدول لا على الطريقة الفوضوية، بل بالنظام والقانون والعلم. نحن لانمتلك الرغبة في إحترام النظام العام، ولا الإلتزام بالقانون، ولانريد للعلماء وأصحاب العقول أن يديروا الأمور، ونذهب غالبا في الطريق الأسهل، فنتمسك بتعاليم دينية لايريدها الرب، ولاتعنيه، ونمارس طقوسا تلهينا عن مسؤولياتنا.نستطيع ان نصلي، لكننا لانفكر، ولانتدبر.لدينا مصلون جهلة متخلفون، ولكننا نمنع المصلين من ذوي البصيرة والدراية، فيتغلب الجاهل ويحكم، وتغيب المعرفة في ظلام الجهل والتخلف، وغالب همنا المناصب والأموال، وليس البناء والمعرفة والتطوير، فتعود بلادنا الى عصور الجاهلية، وندفعها دفعا الى التخلف والهمجية..