بقلم
د. محمد عبد الهادي النويني
النجف الأشرف
٢٢ اب ٢٠٢٢ م
٢٣ محرم ١٤٤٤ هج
عندما تشد الرحال وتقرر الذهاب إلى مدينة كربلاء المقدسة وتتشرف بزيارة مرقدي الإمام الحسين عليه السلام وأخيه أبو الفضل العباس عليه السلام في الزيارات العامة والمخصوصة( في زيارة الأربعين) ، لابد من تتداول وتسمع اسم ومرقد
(سيد جودة)
وخصوصاً أصبح في السنوات الماضية من الدلالات البارزة كدليل وموقع إلى الزائرين .
* … الموقع …
يقع المرقد في ركن المقبرة القديمة ( أو الوادي القديم) على نهاية الشارع الرابط مع محافظة النجف الأشرف والشارع المؤدي إلى مرقد مولاي أبا الفضل العباس عليه السلام .
البناء عبارة عن غرفة مستطيلة مساحتها ١٠٠ متر مربع ، لها مدخل واحد فقط ويقع في وسطها ضريح ، وهو عبارة عن صندوق من الحديد المزخرف أخضر اللون ، وفوق الصندوق الحديدي القبة البيضوية المبنية حديثاً ، وحالياً مزار يؤمه الناس أيام الجمع والأعياد والمناسبات وكما عٌرف (مرقد السيد جودة) .
* فمن هو
( السيد جودة ) ؟
##############
هو العلامة آية الله السيد محمد السيد عبود السيد جودة المحنة الموسوي، ولد عام ١٨٧٦ م ، و أنشأ وتربى في ربوع أسرته العلوية الدينية المعروفة والتي تسكن في طريق الإمام الحسين عليه السلام من جهة طويريج ، ويعد آية الله السيد محمد آل سيد جودة هو المؤسس لموكب دفن الأجساد في يوم الثالث عشر من شهر محرم الحرام من كل عام وبمشاركة العشائر في قضاء طويريج، وتتقدمهم عشيرة بني أسد .
*كيف تأسس هذا العزاء؟
في عام ١٩٢٥ م وبعد أنتهاء مراسيم ركضة طويريج الخالدة ، كان يوماً ممطراً، قرر آية الله السيد محمد آل سيد جودة أن يؤسس هذا العزاء وأن تتبنى عشائر طويريج هذا العزاء لدفن الأجساد الطاهرة ، فأرسل وخاطب عشائر طويريج أن يقيموا هذا العزاء، فأستجابوا له العشائر لأن مكانته الدينية والعلمية ذات تأثير في المدينة التي يسكنها، وبالفعل تم العمل على انطلاق هذا العزاء عام ١٩٢٦ م في الثالث عشر من شهر محرم، من ( قنطرة السلام )، هي نفس النقطة التي ينطلق منها موكب عزاء ركضة طويريج ، وتتقدم عشيرة بني اسد أول هذا العزاء ومشاركة جميع العشائر في تلك المناطق القريبة من كربلاء المقدسة، وتتجه المواكب بعد صلاة الظهر إلى الحرم الحسيني المطهر .
*كيف أنتقل العزاء من (قنطرة السلام) إلى مرقد (سيد جودة) ؟
بعد وفاة العلامة آية الله السيد محمد آل سيد جودة عام ١٩٤٦ م عن عمر يناهز ٧٠ عاماً، ودفن في الغرفة العائدة إلى جده المرحوم السيد جودة بن السيد علوش بن السيد فرج بن السيد حسن بن السيد حسين المحنة الموسوي الذي ينتهي نسبه إلى الإمام الكاظم عليه السلام ، ( وهي غرفة صغيرة مساحتها ٢٠ متر مربع ) ، وعُرف بهذا الإسم مرقد( سيد جودة ) وبعد وفاة مؤسس عزاء دفن الأجساد ، قررت العشائر أن ينطلق هذا العزاء من نفس مرقده عرفاناً وتخليداً لذكراه ، وهكذا مع مرور الزمن ينطلق عزاء دفن الأجساد يوم الثالث عشر من شهر محرم من هذا الموقع (مرقد سيد جودة) وأصبح هذا العزاء بعد ٢٠٠٣ م أكبر ثاني عزاء بعد عزاء ركضة طويريج الخالدة ، ليشمل أغلب القبائل والعشائر العراقية.
*لمحة من حياة المرحوم آية الله السيد محمد آل السيد جودة – رحمه الله .
أنتقل من الدراسة الحوزوية من كربلاء المقدسة إلى الدراسة الحوزوية في النجف الأشرف ، حتى أصبح من العلماء الذين يشار لهم بالبنان العلمي والديني ، وبعدها عاد إلى قضاء طويريج وجلس للتدريس والخدمة الحسينية، وكان من أبرز من درس وتتلمذ على يديه
آية الله الشيخ محمد الطرفي
العلامة الشيخ نجم الطرفي – رحمهم الله
ومن المواقف المهمة التي يذكرها العلامة آية الله الشيخ محمد الطرفي – رضوان الله تعالى عليه – مانصه 🙁 إن المرجع الأعلى الكبير آية الله العظمى السيد أبو الحسن الآصفهاني ( قدس)، قد أرسل رسالة إلى آية الله السيد محمد آل سيد جودة يطلب من سماحته نقل درسه الحوزوي إلى مدينة النجف الأشرف، لغرض الإستفادة منه طلبة العلم .
كان رد آية الله السيد محمد آل سيد جودة جواباً ، يذكر ويشكر فيه حسن ألطافه وعنايته وأهتمامه ، وكان جوابه في جملة واحدة ( حضرة سيدنا المعظم.. إنني في طريق الإمام الحسين عليه السلام “كفاية”).
وماتجدر الإشارة إليه ان المرحوم تصدى لقيادة الثائرين في ثورة العشرين ومعه مجموعة من المقاتلين نحو سدة الهندية لمحاربة قوات البريطانية حيث المعارك الضارية التي وقعت هناك.
إضافة لما ذكرناه فهناك وثائق وتفاصيل محفوظة بذاكرة خطيب مأتم سيد جودة الخطيب الحسيني الشيخ أحمد الدعمي .
قدست روحك الطاهرة آية الله السيد محمد آل سيد جودة .