سجاد ال راضي
القت الاحداث السياسية المتعاقبة التي تلت الاعلان عن نتائج الانتخابات بظلالها على المشهد العراقي، وتحديدا منذ 12 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد ان انحسر المد عن فريق من الفائزين واخر خسر اصواته بفعل التزوير كما اعلن قادة هذا المعسكر الذين وصفوا النتائج ب”المزورة” في وقت دافع فيه ولايزال الفائزين عن العملية الانتخابية، ساندهم بذلك المجتمع الدولي ومجلس الامن في بيان خاص صدر بهذا الخصوص.
لجات الكتل السياسية الرافضة لنتائج الانتخابات إلى الاعتصام والتظاهر أمام المنطقة الخضراء لاكثر من ثلاثة اسابيع مستمرة حتى حصل الاشتباك الذي اسفر عنه سقوط قتيل وعشرات الجرحى ليل الجمعة الماضية، وصدور اعلانات منددة من قبل الجهات السياسية وقادة الاحزاب وصل حد بعضها الى اطلاق تهديدات ضد الكاظمي. ثم اتت الخطوة الاكبر في التصعيد عندما استهدفت طائرات مسيرة مقر اقامة الكاظمي في المنطقة الخضراء عندما اعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية إن ثلاث طائرات مسيرة استخدمت في الهجوم الذي استهدف منزل الكاظمي ليل البارحة، من بينها طائرتان اعترضتهما قوات الأمن وأسقطتهما بينما ضربت طائرة مسيرة ثالثة المنزل.
وقال متحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة إن الوضع الأمني مستقر داخل المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم المقر والمباني الحكومية والسفارات الأجنبية بعد هجوم الطائرة المسيرة ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم.
وقد انقسمت المواقف الداخلية حيال العملية الى مشككٍ، واخرى ترى ان العملية رسالة تعد الاولى من نوعها في العراق منذ عام 2006 وحتى الان، حيث يُستهدف من خلالها رمز السلطة الحكومية الاعلى ممثلا برئيس الوزراء مرشح الاغلبية في العراق، بها تتغير قواعد الاشتباك وتنتقل الازمة بين الطرفين من حالة التوتر الى نمط المواجهة بالطائرات المسيرة. بالوقت ذاته يعتقد المشككون بمحاولة الاغتيال بانها مناورة من النوع الثقيل لجر الاهتمام وتركيز الشارع العراقي نحو زاوية اخرى، الغاية منها كسب الوقت والتاييد لمعسكر المدافعين عن نتائج الانتخابات.
وما بين سطور المواقف الصادرة عن الساسة في العراق، نمر على ما غرد به قيس الخزعلي امين عام عصائب اهل الحق حول هذه العملية إذ وصفها “محاولة لخلط الاوراق” وهو بذلك يشير الى ان هنالك جهة نفذت هذا العمل لكي تخلط اوراق الصراع السياسي وتسحب الاهتمام الشعبي من مهاجمة المتظاهرين السلميين بالعتاد الحي، الى قصف دار الكاظمي بطائرات مسيرة. كما وطالب بلجنة فنية متخصصة وموثوقة للتأكد من سبب الهجوم وحيثياته، سيما وأنه لم يتسبب في وقوع ضحايا، بحسب البيان الذي نشره على حسابه الرسمي في تويتر. وأضاف “فإذا لم يكن انفجارا عرضيا أو ما شابه، وكان استهدافا حقيقيا، فإننا ندين هذا الفعل بكل صراحة، ويجب البحث عن منفذي هذه العملية ومعاقبتهم، لأنها أكيد محاولة لخلط الأوراق؛ لمجيئها بعد يوم واحد على الجريمة الواضحة بقتل المتظاهرين والاعتداء عليهم وحرق خيامهم”.
وعلى الجانب الاخر أدان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، واصفا الهجوم بأنه محاولة لإرجاع العراق إلى الفوضى والعنف وقال في تغريدة عبر تويتر: “إن العمل الإرهابي الذي استهدف الجهة العليا في البلاد، لهو استهداف واضح وصريح للعراق وشعبه، ويستهدف أمنه واستقراره”. وأضاف: “على جيشنا الباسل والقوى الأمنية البطلة الأخذ بزمام الأمور على عاتقها، حتى يتعافى العراق ويعود قويا”.
وترى بعض الجهات السياسية المقربة من معسكر الفائزين بالانتخابات ان محاولة استهداف الكاظمي بسلاح غير تقليدي تهدف الى تخويف رمز السلطة وخلق الفوضى بغية التوصل لتسوية سياسية تصب في صالح القوى الخاسرة بالانتخابات، ورفض مقترح تشكيل حكومة أغلبية سياسية مع نزح سلاح الجماعات والقوى السياسية. وهم في ذلك يلوحون الى الطرف المعارض لينسبون له تهمة تنفيذ هذه العملية.
وهنالك راي ثالث ما بين الرايين يلخصه المتحدث باسم تحالف الفتح، ورئيس تجمع السند الوطني، النائب احمد الاسدي بتغريدته من على حسابه في تويتر”إن ما وقع من استهداف لمنزل رئيس الوزراء أمر مدان ومستنكر وهو يكشف بشكلٍ واضح وجود أجندات خارجية تعمل على زعزعة أمن واستقرار العراق من خلال التلاعب السيبراني بنتائج الانتخابات حيناً واستهداف المتظاهرين السلميين حيناً آخر ثم استهداف منزل رئيس الوزراء من أجل خلط الأوراق ودفع البلاد الى الفوضى لا سمح الله”.
مضيفا في تغريدته “لذلك فإننا أحوج ما نكون اليوم الى صوت العقل والحكمة لتفويت الفرصة على الأعداء والمغرضين وليكن العراق واستقراره ومصلحة شعبه همنا الاول للوقوف بوجه مشاريع الفتنة وإثارة الفوضى”.
وفي مجمل الاحوال وبناء على الاراء المطروحة سواء كانت محاولة الاغتيال مدبرة بشكل كيدي لالصاق التهمة بالمعارضين او انها كانت عملية حقيقية، فان الباب الذي تم فتحه انما هو باب لن يغلق على ما سبق هذا التاريخ، كونه اسس لممارسة خطيرة جدا ستكون وسيلة متبادلة بين المتصارعين يضيع فيها دم الضحية مهما كان وزنه السياسي او الاجتماعي، ولنا في ذلك سابقة اغتيال المهندس وسليماني وان كانت بامضاء اميركي واضح. ويرى المتتبع لمسار التحليلات السياسية والتصريحات التي اطلقت منذ فجر اليوم بان المتهمين بهذه العملية كثرٌ، من بينهم الاذرع الاميركية في الداخل العراقي وكذلك الاحزاب التي غادرت المشهد السياسي بشكل كامل بالاضافة الى فلول حزب البعث والدواعش المقنعين او الذين يعملون باوجههم الصريحة.