لا تعبثوا بإستقلالية القضاء يا زعماء الكتل السياسية

0 182

 

بعد إقرار الدستور العراقي الحالي والتصويت عليه من قبل الشعب , كان لزاما على مجلس النواب العراقي وانطلاقا من واجباته الدستورية بتشريع القوانين , أن يتمّ تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا بعد إقرار الدستور انطلاقا من أهمية الدور الذي أنيط لهذه المحكمة كما جاء في المادة 93 من الدستور .. لكنّ فساد وفشل القوى والأحزاب السياسية في إدارة الدولة بشكل عام , وعجزها عن تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا بشكل خاص , بسبب خلافتها السياسية وعدم تغليبها المصلحة الوطنية العليا خلال الدورات الأربعة الماضية , قد أوقع البلد في مأزق البقاء تحت سطوة محكمة مدحت المحمود السياسية , هذه المحكمة التي أوقعت البلد في إشكالات تسببت بفوضى دستورية وسياسية .. ولعلّ قضية تفسير المادة 76 من الدستور العراقي هي الأشهر بسيرة هذه المحكمة السياسية وسيرة رئيسها المثير للجدل , وآخر قرارات هذه المحكمة التي ادخلت البلد في حالة فراغ دستوري هو قرارها الصادر بالعدد 38 / 2019 في 21 / 05 / 2019 الذي قضى بإلغاء المادة 3 من قانون المحكمة الاتحادية رقم 30 لسنة 2005 , وهو النص الوحيد النافذ في حينه، الذي كان معمولا به منذ سنة 2005 ولغاية 21 / 05 / 2019 , حيث أدّى إلغاء هذا النص الوحيد إلى تعطيل عمل المحكمة الاتحادية في القيام بواجباتها الدستورية وإدخال البلد في الفراغ الدستوري ..
وكان الأجدى والأولى بمجلس النواب العراقي تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا , وإنهاء العمل بالقانون رقم 30 لسنة 2005 وإنهاء دور محكمة مدحت المحمود سيئة الصيت , وإنقاذ البلد من مزاجية هذا الرجل الذي لا يفقه في القضاء سوى إخضاع القوانين نزولا عند رغبة الحاكم .. وبما أنّ القوى السياسية الحاكمة غير قادرة على التوافق في تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا وذهابها بدل ذلك إلى تعديل الفقرة ثالثا من القانون رقم 30 لسنة 2005 انطلاقا من مبدأ أضعف الإيمان .. فهذا يضع مجلس النواب العراقي أمام مسؤولياته الشرعية والقانونية والأخلاقية بعدم إجراء أي تعديل للقانون رقم 30 لسنة 2005 يتناقض مع ما جاء في المادة 90 من الدستور العراقي التي نصت على أن ( يتولى مجلس القضاء الأعلى إدارة شؤون الهيئات القضائية ، وينظم القانون ، طريقة تكوينه، واختصاصاته ، وقواعد سير العمل فيه ) .. وبما أن المحكمة الاتحادية العليا هي هيئة قضائية بموجب ما جاء في المادة 92 أولا من الدستور والتي نصّت على ( المحكمة الاتحادية العليا هيئةٌ قضائيةٌ مستقلة مالياً وإداريا ) , فهذا يعني أن ًمهمة ترشيح قضاة المحكمة الاتحادية العليا هي من اختصاصات مجلس القضاء الأعلى حصرا وليس من اختصاص المحكمة الاتحادية نفسها كما جاء في مشروع تعديل نص المادة ثالثا من القانون رقم 30 لسنة 2005 الذي يجري مناقشته الآن في مجلس النواب العراقي .. فليس من المنطق أن يتمّ تعديل قانون مؤقت خلافا للدستور من أجل إرضاء رغبة رئيس المحكمة الاتحادية ومن يقف خلفه من الساسة بجعل المحكمة الاتحادية ندّا لمجلس القضاء الأعلى ..!!
إننا إذ نهيب بمجلس النواب العراقي أن لا ينجرف باتجاه مخالفة الدستور، مهددًا استقلالية القضاء ونزاهته، وان يقوم بدوره التشريعي المطلوب كما رسمه الدستور وليس كما يريده مدحت المحمود ومن يقف خلفه من زعماء الأحزاب السياسية.

أياد السماوي
في 20 / 09 / 2020

اترك رد