علاء الخطيب
في جعبة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي العديد من الدعوات لزيارة دول عربية واقليمية، وقد اعلن مكتبه عن زيارات مرتقبة للسعودية وايران وامريكا في الايام القادمة، و بلا ادنى شك ان قيام السيد الكاظمي بمد الجسور بين العراق وجيرانه والدول المؤثرة في العالم خطوة بالاتجاه الصحيح، كما ان العراق يحتاج الى هذه العلاقات خصوصاً اذا ما نظرنا الى الوضع الذي يمر به البلد اليوم.
فالسيد رئيس الوزراء يريد ان يحقق نصراً يدعم مسيرته السياسية، ويكرس موقعه في الشارع العراقي، سيما وان العربية السعودية هي الاخرى حريصة على دعم الكاظمي ونجاحه كما أكدت ذلك مراراً، سيما الخطوات التي أقدم عليها مؤخراً، ولعلها كانت رسائل سبقت الزيارة.
وسيبتدأ الكاظمي جولته بـزيارة المملكة العربية السعودية مدفوعاً بعدة اسباب تتقدمها ملفات الكهرباء والقروض وبعض الملفات الاقليمية التي تخص البيت الخليجي وحاجة العراق الملحة للدعم وكذا العلاقات مع ايران, وسيبحث الكاظمي هذه الملفات مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان كما اشارت بعض المصادر القريبة من رئيس الوزراء.
ولعل التفاؤل والنجاح الذي يرافق هذه الزيارة وما يراه المراقبون في تحقيق نتائج تختلف عن سابقاتها يعتمد على عدة نقاط أهمها:
العلاقة الجيدة بين السيد الكاظمي و الامير بن سلمان مما سيسهل المهمة، بالاضافة الى ان الكاظمي كما يقول متابعون للشأن العراقي: هو من نقل علاقات العراق والسعودية من حقبة البرود والتوجس في زمن المالكي الى حقبة الانقتاح والتقارب، وهو الفاعل الاول في زيارة العبادي وعبد المهدي الى الرياض، واذا ما صدقت النوايا واستثمر رئيس الوزراء العراقي علاقاته مع ولي العهد ستنعكس مخرجات هذه الزيارة بشكل ايجابي على الاقتصاد والامن والاستقرار في العراق و المنطقة ضعف التأثير الايراني في العراق، وتحول المزاج الشعبي عنها, فمن المعروف ان ايران تمر بتحديات اقتصادية، وسياسية وحصار امريكي مما يجعلها تنشغل بوضعها الداخلي, وربما لم يعد العراق أولوية في السياسة الخارجية الايرانية.
الرغبة الايرانية في الاستفادة من علاقات الكاظمي الدولية في تحريك المياه الراكدة بينها وبين السعودية من جهة وبينها وبين الولايات المتحدة من جهة أخرى، لذا يرى مطلعون ان ايران لن تعرقل نجاح الزيارة من خلال الموالين لها داخل البرلمان فيما اذا عقدت اتفاقيات ثنائية، واحتاجت الى موافقة البرلمان.
الشارع العراقي الذي تعتريه رغبة في فتح صفحة جديدة من العلاقات مع السعودية ومع امريكا وكذلك تحديد شكل العلاقة مع ايران، قد يشكل عامل مهم في دعم هذه الزيارة.
من جانب آخر يرى البعض أن التفاؤل في نتائج الزيارة ليس كبيراً، فما زالت ايران عقدة المنشار في العلاقات العراقية السعودية، اذ أن السعودية تريد من العراق أن يبتعد كلياً عن ايران ,كما تطلب من الكاظمي ضرب اذرعها في العراق، كما صرحت بذلك مراراً، معنى ذلك ان الدعم السعودي سيكون مشروط، وهذا ما يربك مهمة الكاظمي ويعقدها داخلياً.
يرى آخرون أن العراق يسعى الى التوازن في العلاقة بين ايران وبين السعودية , ويريد ايصال رسالة الى السعوديين مفادها ان العلاقة معهم ليست على حساب العلاقة مع ايران , وان للعراق خصوصية تختلف عن بقية البلدان العربية في علاقته مع الجارة الشرقية , كما يرون أن السعودية لم تفي بالتزامتها تجاه العراق.
فلو رجعنا الى الوراء قليلا لرأينا ان أصحاب هذا الرأي يعتمدون على محطات العلاقة بين البلدين منذ 2003 وحتى استقالة عادل عبد المهدي. فيقولون أن هناك ثوابت لدى المملكة في علاقتها مع العراق، فهي غير مستعدة ان تتقدم خطوة واحدة ما لم يقوم العراق بتنفيذ الاشتراطات السعودية ، ففي فترة السيد العبادي وعبد المهدي بالتحديد وقع الطرفان اكثر من 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم، كما قام وفد سعودي رفيع المستوى بزيارة بغداد في ابريل من العام الماضي ووقع مع الجانب العراقي مذكرات تفاهم واعلنت السعودية عن منح مالية وانشاء منطقة حرة وفتح اربع قنصليات، بالاضافة الى منحة مالية قدرها مليار دولار لبناء المدينة الرياضية، لكن هذه التعهدات ذهبت ادراج الرياح.
ولم تتحقق من هذه اللقاءات شيء يذكر واصطدمت جميعها بعقدة العلاقة مع ايران والفضائل المسلحة التابعة لها، وهذا ما يشير الى تخوُّف السعودية من ان دعمها لن يعيد العراق الى الحضيرة التي تتمناها، بل سيصب في صالح عدوها اللدود في المنطقة.
لكن ما يتمناه العراقيون ان يحقق الكاظمي انجازاً يصب في صالحهم، ويستخدم اوراق القوة التي بحوزته وعرضها على السعوديين كالعلاقة مع ايران وسلاح الفصائل المسلحة وغيرها، ويقوم بتحويل مذكرات التفاهم الى اتفاقيات خصوصاً في مجال تزويد العراق بالطاقة الكهربائية التي هي بالاساس رغبة سعودية، قد تكون بداية للاستغناء عن الكهرباء الإيراني، وكذا الحال في فتح المعابر الحدودية وتنشيط الاقتصاد عبر الاستثمارات السعودية.
واذا ما حققت الزيارة اهدافها ونتائج ملموسة ودُعمت بشكل فعلي وقوي، فان حظوظ الكاظمي في البقاء في منصبة في الانتخابات القادمة ستكون كبيرة جداً، وستنتصر الدبلوماسية السعودية الهادئة، فهناك مصلحة عراقية سعودية مشتركة في نجاح زيارة السيد الكاظمي الى الرياض، نأمل ان تتفهمها جميع الاطراف.
كاتب عراقي