هادي جلو مرعي
من أجل المجموع لابأس في التضحية بفرد، وعلى هذا درجت الشعوب في طقوسها وعاداتها وخرافتها، فمن الأمم من تاتي بأجمل الجميلات وتهبها الى النهر الجامح ليهدأ، بينما يتقدم جندي ليفتح الأبواب المحصنة لرفاقه، وقد يشبتك مع عدوه ويكون ضحية لمن يأتي من خلفه، وهناك من الأمثلة الكثير..
هناك من الحرامية من يفكر بطريقة فلسفية، ويبرر بطريقة ذكية لسرقاته. فهو في سره يقول: أنا أتحرك هنا وهنا، واحصل على الأموال وأنفقها، وأدخر منها لزوجتي وأولادي وأحفادي وقد ينتفع منها أخوالي واعمامي، وخالتي وعماتي وجيراني وجاراتي، والعاملون معي، والمقربين مني، وقد يصل عددهم الى المئات، وكلهم يحبونني، ويخشون من الأذى الذي قد يلحق بي.
أما دخولي الى جهنم، وعذاب القبر في الأخرة فيمكن تجاوزهما بالتوبة قبيل الموت، ومنح بعض المال لذوي الحاجات ويمكن أن أحصل على عفو، وقبول للتوبة هناك، وحين ادخل جهنم لايكون على المنتفعين مني مرافقتي الى النار لأن السارق أنا، وليس واحدا منهم، وبالتالي اكون قد منعت المسؤولية عنهم جميعا و(شلتها) وحدي، وإذا ماكشف أمري، أو إنقلبت الأمور ضدي في الحياة الفانية فساذهب الى السجن دون أن اكلف أحدا منهم عناء مرافقتي.
يتمتع الحرامي بما يملك من المال الذي سرقه، وينتفع معه الكثير من المقربين الذين يشتمون الحرامية ويمجدون حراميهم، ولايكون من مسؤولية تقع عليهم، وهو بذلك صاف النية، ولايجهد دماغه في التفكير بالآخرة، ونار جهنم، والحساب والعقاب، والجنة والنار.
الحرامي عادة ماينسى الله، ويتجاهل وجوده، وقد يتوب بعد ان يضع المسروقات في خزنته الخاصة..