البيض مقابل الشيوعيين

0 157

هادي جلو مرعي
من علامات نهوض الأمم أن تبدأ بتوفير الإحتياجات الممكنة لشعوبها، ومن تلك الحاجات المهمة هو البيض سواء كان الأحمر، أو الأبيض وإذا لم تستطع، وظلت تعتمد الإستيراد وإستنزاف عملتها فلاخير فيها، ولافي من يحكمها، ولافي شعوبها الفاشلة والمنحطة، والإشارات الأخيرة عن واقع تربية الدواجن، والحصول على كميات وافرة من البيض في العراق مبشرة، فهناك معلومات عن زيادة مبهرة في الإنتاج، ويؤكد ذلك مسؤول كبير في الدولة صار يتناول البيض العراقي على الإفطار، ولم يعد هناك حاجة لإستيراد البيض من جمهورية إيران وتركيا بحسب زعم المسؤول الذي يتناول إفطاره من البيض العراقي الخالص.
في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت الزعامات الدكتاتورية تتبادل الأدوار والتجارة والمعارضين وفقا لإتفاقيات تخضع لمعادلة المزاج الرايق والمتعكر، أو كما يسمونها في الجاهلية (يوم النحس ويوم السعد)حدث أن لجأ رفاق شيوعيون الى بلغاريا الشيوعية الفقيرة المنادية على غرار دول الإتحاد السوفيتي السابق بحرية الشعوب ونهضتها ورفاهيتها، وكانوا يأملون البقاء فيها بكرامتهم وإنسانيتهم ومعارضتهم لنظام الحكم الدكتاتوري القومي في بلدهم الأفريقي المعاد للشيوعية في الداخل، وغير الممانع من وجودها في بقية العالم حتى لو كانت حاكمة، وكان متحالفا معها، والمهم لديه بقاء، ودوام حكمه وسلطانه الذي لايبلى بظنه القاصر.
كان الدكتاتور يستورد البيض من بلغاريا، وكان بلده يعيش تجربة صراع ومناكفات سياسية، وكان الشيوعيون يؤرقونه على الدوام، ولم يكن بمقدوره فعل شيء لكنه وجد في البيض سلعة مهمة يمكن إستخدامها كسلاح في المعركة، ثم إهتدى بحكمته وعبقريته الفذة الى حيلة توفر عليه العناء الذي يسببه الشيوعيون حتى لو حرم شعبه حاجاته لبعض الوقت، وكان البيض سلاحه الفتاك، فأرسل عبر قنواته الدبلوماسية رسالة الى صوفيا مفادها: إن على الحكومة البلغارية تسليم الشيوعيين اللاجئين فيها بأسرع وقت وإلا فإن قرارا حكيما وتاريخيا سيصدر بوقف إستيراد البيض منها ما يعني حرمانها من العملة الصعبة، وبقاء البيض في مستودعاتها ليفسد.
بعد إجتماع طاريء عقدته حكومة بلغاريا الشيوعية العظيمة قررت تسليم الشيوعيين المطلوبين، وعلى الفور، وتقديم مصلحة الشعب البلغاري على ماعداها، وحتى لو كان ذلك على حساب المباديء الثورية المستوردة من موسكو، وحين تمت الصفقة عاد البيض البلغاري ليتوفر في الأسواق، ويتناوله الناس على الإفطار مقليا ومسلوقا، بينما ذهب الشيوعيون الى السجن، ومنه الى الإعدام، ومنه الى المقبرة التي بقيت مجهولة.

اترك رد