التعليم العالي……… وقرارات مجلس الوزراء ( 4)

0 302

أ.د. عبد الرزاق عبد الجليل العيسى
وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق
سادسا: قرار مجلس الوزراء رقم( 362) لسنة 2018
تعّد جميع الوزارات والمؤسسات الغير تابعة الى وزارة مسودة موازناتها السنوية قبل نهاية كل عام بأشهر عديدة وبالاعتماد على ايراداتها ومصروفاتها لذلك العام لتعكس في مضمونها خطتها للسنة المالية القادمة مع الاخذ بنظر الاعتبار المتغيرات المالية المتوقعة والمخطط لها وتتضمن شقين رئيسيين هما:
1-الموازنة التشغيلية: وهي العنصر الاساسي للادارة المالية وتعتمد على مبالغ الانفاق والمدخولات المرتبطة بالعمل اليومي وتنفيذ واجبات واعمال تشكيلات الوزارة او المؤسسة ويدخل بضمنها رواتب المنتسبين الحاليين وما متوقع من احتياجاتهم في العام القادم للدرجات الوظيفية المرتبطة مع التوسع المتوقع حصوله في دوائر التشكيل او لسد الشواغر الناتجة من حركة الملاك.
2-الموازنة الاستثمارية: وهي المؤشر للاموال المتوقع انفاقها لانشاء او توسعة او تطوير مشاريع عمرانية او انتاجية وما يرافقها من مستلزمات او شراء سلع ثابتة تبقى قيد الاستعمال لفترات طويلة من اجل ادامة الخدمات وتحسين الانتاج.
لقد شهدت معظم موازنات وزارة التعليم العالي وتشكيلاتها على تخصيص درجات وظيفية تتزامن مع التخصيصات المالية السنوية نظرا للتوسع المستمر فيها والمرتبط بعوامل عديدة كالنمو السكاني وتحسن المستوى المعاشي. في عام 2014، دخل العراق في ازمة اقتصادية بسبب تبعات احتلال بعض اراضيه من قبل عصابات داعش الارهابية فضلا عن نقص الايرادات من بيع النفط بسبب انخفاض اسعار النفط العالمية . لذا تم ايقاف منح الدرجات الوظيفية لوزارة التعليم العالي في موازنة عام 2015 وما بعدها، كما هو لمعظم الوزارات الاخرى. وتزامن مع هذه الازمة المالية استحداث اربعة عشر جامعة كان ستة منها انبثقت من جامعة قديمة، مستوفية للشروط المطلوبة للاستحداث وتمتلك المستلزمات اللازمة والملاك الاداري والتدريسي واعداد كلياتها اثنين او اكثر. اما الثمانية الاخرى فقد استحدثت بكلية واحدة ولم تأخذ بنظر الاعتبار توفر المباني والمستلزمات الدراسية والملاك الوظيفي ولكن تم تخصيص مبلغ ملياري دينار مع تسعين درجة وظيفية لكل جامعة في نهاية عام 2014لسد بعض من حاجاتها ولكنها وبسبب الأزمة المالية بقيت تعاني من نقص الملاك والمستلزمات.
في عام 2016 ، تضمنت الموازنة الاتحادية في احدى فقراتها قرار ” بالسماح لاشغال الدرجات الوظيفية الناتجة من حركة الملاك ولمدة تنتهي بتأريخ 4/12/2016″ ولكن هذه الفرصة لم تستغل خلال الاشهر الاولى عند الاعلان عن الموازنة. ومن خلال عرض مسودة قانون موازنة 2017 في مجلس الوزراء للنظر بها واقرارها لوحظ انها قد نصت على الاستمرار في “عدم تخصيص درجات وظيفية جديدة وايقاف اشغال الدرجات الناتجة من حركة الملاك ومنع نقل اي موظف من وزارة او مؤسسة الى تشكيل اخر يرافقه زيادة في تخصيصاته المالية”. وهذا يعني عدم امكانية التعيين او النقل الى تشكيلات وزارة التعليم العالي واستمرار ازمة الجامعات المستحدثة التي تفاقمت بسبب ضعف الملاك الاداري والتدريسي. لذا باشرنا بالعمل للحصول على موافقة مجلس الوزراء بتمديد فترة السماح لاشغال درجات حركة الملاك ضمن قانون موازنة 2016ولغاية 31/12/2016 بدلا من4/12/2016 واستثمرنا هذه الفترة القصيرة لحل جزء من أزمة الجامعات المستحدثة وبعد التوافق الذي حصل في هيئة الراي لمنحها بعض الدرجات الوظيفية من قبل الجامعات القديمة. وبعد اكمال عملية التعينات واشغال 5240 درجة وظيفية صدرت التصريحات من بعض السياسين منتقدين الاجراء الذي اعتمدته الوزارة واعتبروا حالة مناقلة بعض الدرجات للجامعات المستحدثة هي سلب لحقوق الجامعات القديمة بدون الاستفسار من الوزارة عن حيثيات الحالة واسبابها ولا حتى عن الضوابط والالية التي اعتمدت أو عن مدى نزاهة الاجراءات المتخذة.
تم اقرار قانون موازنة 2017 من قبل البرلمان كما نصت عليها المسودة والتي ذكرناه في اعلاه ولكن تفاجئنا لاحقا هو تشريعهم قانون رقم 67 لسنة 2017 الذي لم يقترح من الوزارة او يقدم من مجلس الوزراء او يعرض على الاطراف المعنية لبيان الرأي. ينص هذا القانون على الزام الجامعات والمعاهد بتعيين الثلاثة الاوائل على الاقسام العلمية والانسانية، والبالغ عددهم 1400 قسم ، من الدرجات المخصصة لها من قبل وزارة المالية او من درجات حركة الملاك وهذا يعني بضرورة توفير 4200 درجة وظيفية والتي تتعارض مع قانون الموازنة الاتحادية. وبهذا القانون الغير قابل للتنفيذ فقد اشغلت الوزارة بعد الاعلان عنه بآلاف المراجعين المتقدمين للتعيين وما تبعه لاحقا من تظاهرات للمطالبة بتنفيذ القانون بالرغم من محاولاتنا لاقناعهم بأن قانون الموازنة لهذه السنة لا يسمح بالتعيينات لعدم توفر الدرجات الوظيفية.
في عام 2018 تقدم للتعيين مجموعة من حملة الشهادات العليا، بعدد تجاوز المائة، من خريجي بعثات وزارة التعليم العالي وخريجي المبادرة التعليمية، المبتعثين من خلال برنامج اللجنة العليا لتطوير التعليم، والمتعاقدين مع رئاسة الوزراء وممن انفقت عليهم الدولة الكثير من الاموال ولكن قانون الموازنة لنفس العام لم تخصص فيه درجات وظيفية لتعيين هؤلاء. لذا وجه مجلس الوزراء في الجلسة الاعتيادية 32 المنعقدة في اب 2018 بشمولهم بالتعيين وبموجب ما تحدده وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من الدرجات الوظيفية الناتجة عن حركة الملاك. تم جرد عدد الدرجات الشاغرة المتوفرة لدى تشكيلات الوزارة والناتجة عن حركة الملاك والتي بلغ مجموعها بحدود 1300 درجة وظيفية وهذا يعني انها لا تكفي لتعيين حتى الخريجين الحائزين على المرتبة الاولى على الاقسام العلمية والانسانية.
وبالنظر لقلة الدرجات المتوفرة مقارنة بعدد الخريجين، الاوائل على الاقسام او الكليات، الناتج من دفعتي العامين الدراسيين 2015/2016 و2016/2017 لذا تم الطلب من مجلس الوزراء لاستغلال درجات حركة الملاك وتعيين الخريج الاول من الثلاثة الاوائل على الكليات والمعاهد، والبالغ عددهم بحدود الاربعمائة لسنة دراسية واحدة، في تشكيلات وزارة التعليم العالي فضلا عن خريجي البعثات والمبادرة التعليمية. اما الثاني والثالث فيتم توزيعهم على تشكيلات باقي الوزارات والمؤسسات الاخرى بحسب الاختصاص والموقع الجغرافي وضمن حاجة كل منها. حصلت موافقة مجلس الوزراء على مقترحنا وصدر بذلك القرار رقم(362) لسنة 2018 وهو كالاتي:
بناء على ما عرضته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بموجب كتابها ذو العدد ق/4/2/13866 والمؤرخ في 12/9/2018.
قرر مجلس الوزراء بجلسته الاعتيادية السادسة والثلاثين المنعقدة بتأريخ 18/9/2018 ما يأتي:
استثناء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من احكام المادة (11/رابعا/ب) من قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية / 2018 ، على ان تخصص للطلبة الثلاثة الاوائل وحملة الشهادات العليا، وعلى ألا يتكرر الطلبة الثلاثة الاوائل من القسم نفسه.

د. مهدي محسن العلاق
الأمين العام لمجلس الوزراء وكالة
25/9/2018
واشارة الى ما جاء بقرار مجلس الوزراء رقم (362) لسنة 2018 تمت الموافقة على تعديل الفقرة (الثالثة عشر) من التعليمات رقم (4) لسنة 2018 تعليمات التعيين على الدرجات الوظيفية الناتجة عن حركة الملاك الصادرة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (226) لسنة 2018 لتصبح بحسب الآتي، ثالث عشر، يتم تعيين الطلبة المبتعثين عبر برنامج اللجنة العليا لتطوير التعليم من دون المرور بالآلية آنفا، ويتم تعيين الثلاثة الاوائل من كل كلية او معهد ليكون الخريج الاول من حصة وزارة التعليم والبحث العلمي، اما الثاني والثالث يتم توزيعهم على الوزارات والجهات الاخرى بحسب الاختصاص والموقع الجغرافي.
تم تنفيذ القرار بعد ايام من صدوره واشغال اكثر من 900درجة وظيفية لتعيين خريجي المبادرة التعليمية من حملة الشهادات العليا معظمهم في الجامعات المستحدثة. واما الخريجين الحائزين على المرتبة الاولى في الكليات، للعامين 2015/2016 و2016/2017، تم تعينهم في الجامعات التي تخرجوا منها. وكذلك تم ارسال قوائم باسماء الثاني والثالث من الاوائل على الكليات الى الامانة العامة ليتم توزيعهم على باقي الوزارات.
ويأتي هدف القرار هو دعم الوزارة للطلبة الأوائل في الكليات والمعاهد العراقية.

اترك رد