رئيس الجمهورية يؤكد ان أرض العراق لن تكون منطلقاً لأي حربٍ أو اعتداء بل منطلقاً للسلم والصداقة

0 204

 

أكد السيد رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح أن العراقيين مصرون على الانطلاق ولا يقبلون من قادتهم وسياسييهم التلكؤ، ويتطلعون الى التمتع بخيرات بلدهم لا تبديدها على الفساد والتوترات.
وأشار السيد الرئيس في كلمة له، اليوم السبت 14-9-2019 خلال افتتاح الملتقى الثاني للمرأة المتخصصة – مجلس الوحدة الاقتصادي العربي الذي استضافه رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم ببغداد، إلى أن المنطقة والعالم كله ليس بحاجة إلى حرب أخرى بقدر الحاجة إلى أن يكون نصر العراقيين على الإرهابيين ناجزاً ومنطلقاً لمنظومة اقليمية جديدة مبنية على تكامل الاقتصاديات، مضيفاً أننا لا نتمنى أن تنشب الحرب في أي مكان من المنطقة والعالم بل نريد أن نركز على التنمية وتحقيق التقدم والتحول الاقتصادي المطلوب.
وأوضح سيادته أن المنطقة كلها تحتاج إلى بناءٍ وتنميات وتحتاج السلام من أجل النهوض واللحاق بالركب الحضاري، فالعالم يُسرع بتمدنه وصنع حضارته لذا لا ينبغي لنا جميعاً في هذه المنطقة أن نتأخرَ بأكثر مما تأخرنا وعلينا أن نتعاونَ من أجل السلام والبناء والصداقة، مشيراً إلى ان المعارضة السياسية الوطنية ستكون حريصة على التوجه بالبلد في الاتجاه الصحيح.
وبيّن رئيس الجمهورية أن ما تعرض له العراق لم يتعرض له بلد آخر على الإطلاق وهذا يستوجب أن نكون على قدر المسؤولية، وأن نحول هذه التحديات إلى فرصة كبيرة ويتحول العراق من ساحة تناحر وتنازع الى ساحة تلاقي المصالح الإقليمية، وأن يكون محور لم شمل المنطقة.
وشدد السيد الرئيس على أن قطاعُ الشباب يستحق الكثيرَ من الاهتمام، خاصة أننا بلد يوصف بأنه مجتمعٌ شبابي حيث يشكل الشبابُ فيه أغلبية سكانية، مشيراً إلى أن قطاع التربية له أولوية من أولويات مجتمعنا اليوم، وحسب الإحصائيات المتوفرة لدي فإن العراق بحاجة إلى إثنتي عشرة ألف بناية مدرسية جديدة، ناهيك عن ضرورة ترميم المباني القديمة.
كما إفتتح رئيس الجمهورية، على هامش الملتقى، معرضاً للنتاجات اليدوية والأعمال الفنية المختلفة.
واطّلع سيادته برفقة رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم على نماذج من المعروضات التي جسدت الإبداعات الشبابية في البلاد.

وهنا نص كلمة السيد رئيس الجمهورية خلال الملتقى :

“السيدات والسادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم في بغداد، بين أهلكم وأخوتكم وأصدقائكم ..
أشكر سماحة السيد عمار الحكيم على دعوته الكريمة ورعايته لهذا الملتقى، وأنا سعيد أن أكونَ معكم في افتتاحِه لأنه يعدُ مبادرة هامة للاهتمام والتخطيطٍ والبحث لاحتضان المواهب والشركاتِ الناشئة وابتكاراتِ الموهوبين من الشابات والشباب.
ولعل ما هو جدير بالاهتمام في الفكرة من هذا الاجتماع هو التلاقي ما بين مهمة اكتشاف المبدعين المتميزين وتسليط الضوء على منجزهم الإبداعي، وكذلك العمل على إتاحة الفرص التي يمكن أن تسمح للمبادرات المبدعة برؤية النور، وما بين الاهتمام بالدور القيادي للمرأة في ريادة الأعمال والإبداع.
تستحق النساء المبدعات والكفوءات مثل هذا الدور بتكافؤ مع الرجال، لنا أسوة حسنة في المبدعات العراقيات بمختلف المجالات من السيدة الشاعرة نازك الملائكة ومروراً بالسيدة الوزيرة نزيهة الدليمي وليس انتهاء بالمعمارية المشهورة زها حديد. كلّ سيدة كانت رائدة في مجالها وقدمت مثالاً عظيماً عن الأدوار التي يمكن أن تنهض بها المرأة في الريادة والإبداع.
لا شك أن قطاعَ الشباب يستحق الكثيرَ من الاهتمام، وهذا ما يتاح بتوفير الفرص وتكثيرِها أمام المبادرات والتحفيزِ على الإبداع، وزيادةِ نشاط القطاع الخاص والريادة في الأعمال، خصوصاً في العراق، وهو بلد يوصف بأنه مجتمعٌ شبابي لما يشكلُّه الشبابُ فيه من أغلبية سكانية، ولحاجة العراق أيضاً في ظرفه الراهن إلى كل الطاقات التي من شأنها الإسهامُ الفاعل بعملية البناء والتطور والتقدم الاقتصادي.
إنكم هنا، أخوة وأخوات اعزاء، في بغداد التي تقف على أعتاب مرحلة أخرى من مراحل تجددها ووثوبها وتطلعها لأن تكون في القلب من الحياة والعصر والحضارة والمشاركة في التقدم والبناء والابتكار.
بغداد مثل كثير من مدن التاريخ والحضارة قد تتعرض احياناً إلى الانتكاس والتأخر، لكنها أيضاً كمثل العنقاء لا تلبث ان تنهضَ من جديد، وهي أكثر ثقةً وأوسع حلماً وأشد إرادةً.
هكذا تنهض بغداد، وينهض العراق كلُّه، بعد عقودٍ من الاستبداد وما جرّت إليه من حروب وتأخر وخراب، وكذلك بعد سنوات عاصفة من مواجهة العراقيين للإرهاب والعنف وتخريب المدن وتحطيم شواهد التاريخ الحضارية، وتدمير مرافق الحياة وتهجير الملايين.
انتصارُ العراقيين في هذه المواجهة هو البداية الأولى لهذا النهوض. وهو نهوض سيكون واثقاً، بعون الله، وبإرادة وعزم العراقيين بمختلف مكوناتهم وأطيافهم، حتى يتم تحقيق النصر الناجز والحاسم بالقضاء نهائيا على كل بؤر الإرهاب والجريمة والعنف، واستئصال دواعي الارهاب الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
كان النصر كبيراً، بتضحيات قواتنا بمختلف صنوفها وتشكيلاتها، وبدعم أصدقائنا والمخلصين من جيراننا، وسيكون ناجزاً بالقضاء تماماً على الإرهاب إن شاء الله.
يحصل هذا في أجواء إقليمية من المؤسف أنها ملبَّدة بالكثيرِ من القلق بفعل احتمالات لا نتمناها لأشقائِنا وأصدقائنا في دول المنطقة والجوار.
فنحن الخارجين من حروب العقود الأربع لا نتمنى للحرب أن تنشب في أي مكان في المنطقة والعالم ونريد أن نركز على التنمية وتحقيق التقدم والتحول الاقتصادي المطلوب للتعاطي مع مشاكل بلدنا.
هذه هي مصلحة العراق، وهي مصلحة تلتقي مع مصالح الشعوب، ولعل من صالح الجميع أن يواصل العراق عزمه لتخليص المنطقة كلها من آفات ومخاطر الإرهاب والتوتر.
المنطقة والعالم ليسا بحاجة إلى حرب أخرى هنا في الخليج والشرق الأوسط، بقدر ما هما بحاجة لأن يكون نصر العراقيين على الإرهابيين ناجزاً ومنطلقاً لمنظومة اقليمية جديدة مبنية على تكامل الاقتصاديات وتوفير فرص العمل للعاطلين من الشباب وتحقيق المتطلبات لمجتمعنا من التربية والتعليم والخدمات الصحية وكرامة العيش والحياة الحرة الكريمة.
تحتاج المنطقة كلها إلى بناءٍ وتنميات، وتحتاج إلى السلام من أجل النهوض واللحاق بالركب الحضاري. العالم، بمختلف قاراتِه، يُسرع بتمدنه وصنع حضارته، لا ينبغي لنا جميعاً في هذه المنطقة أن نتأخرَ بأكثر مما تأخرنا. يجب حقيقة أن نتعاونَ من أجل السلام والبناء والصداقة لا ادامة التوترات والازمات.
العراق في موقع جغرافي مهم وفي لحظة تأريخية فاصلة لا أشك بأننا لدينا من المشاكل والتحديات العصيبة لدينا إرث خطير من التدمير والخراب الذي أصاب كل مفاصل الحياة والخدمات في هذا البلد.
العراق حسب الإحصائيات المتوفرة بحاجة إلى اثنتي عشرة ألف بناية مدرسية جديدة، ناهيك عن ضرورة ترميم المباني القديمة، وإذا تحدثنا عن الصحة وعن المرافق المدنية الأخرى فالإرث متراكم وخطير ورهيب، وما تعرض اليه العراق على مدى أربعة عقود من الزمن على الأقل أربعة عقود من الحرب والحصار والاستبداد والمقابر الجماعية والتهجير والتمييز الطائفي والقومي والقصف الكيمياوي والإرهاب، لم يتعرض له مجتمع آخر.
حجم التحدي أمام العراق كبير لكنني أقول أيضاً إن الفرصة كبيرة، وربما لم نشهد على مدى تأريخنا المعاصر هذه الحالة المجتمعية في العراق ناهيك عن الحالة السياسية حيث أن العراقيين مصرون على الانطلاق وان لا يقبلون من قادتهم وسياسييهم التلكؤ ويتطلعون حقيقة الى التمتع بخيرات بلدهم لا تبديدها على الفساد والتوترات.
أستطيع أن أقول بأننا في هذه اللحظة الفاصلة نستطيع أن ننطلق وننفذ ما جاء به البرنامج الحكومي من تطلعات وبرامج حقيقية وملموسة، أخونا السيد عادل عبد المهدي رئيس الوزراء له فكر اقتصادي وتطلع الى الانطلاق بالبلد من الناحية الاقتصادية وان شاء الله له فريق داخل الحكومة والبرلمان بما يمكنه من هذا وبما في ذلك المعارضة السياسية الدستورية التي لا أشك بأنها ستكون حريصة على التوجه بالبلد بالاتجاه الصحيح.
في هذه اللحظة وبالرغم من كل اختلافاتنا يجب ان نكون موحدين على ضرورة تركيز جهودنا على تجاوز التحديات التي نواجهها والتأكيد على الأهم، وهو خدمة العراقيين وخدمة المواطن العراقي الذي تعرض الى ما تعرض له على مدى أربعة عقود من الزمن.
ما تعرض له العراق لم يتعرض له بلد آخر على الإطلاق وهذا يستوجب منا نحن القائمين على أمر هذا البلد أن نكون على قدر المسؤولية، أن نحول هذه التحديات إلى فرصة كبيرة وأن يتحول العراق من ساحة تناحر وتنازع الى ساحة تلاقي المصالح الإقليمية وأن يكون العراق محور لم شمل المنطقة تكامل اقتصاديات المنطقة وان نعمل على حقيقة تحويل العراق من عنوان للتوتر والحروب والمشاكل والعنف والاستبداد الى عنوان للنهوض الاقتصادي وفي هذا المجال الشباب وتحديداً أيضاً المرأة لها دور فاعل وأساسي.
الحكومة لها دورها وأهميتها في هذه العملية لكن القطاع الخاص والمبادرات الخاصة والإبداع من المواطن يكون له الأثر الأبلغ والأهم في توجيه الأمور إلى ما هو مطلوب.
كلنا نعرف أن العراق كان في صدارة النظام التعليمي في الشرق الأوسط ونظام الخدمات الاقتصادية في الخمسينيات والستينيات إلى أن ألم بنا الاستبداد، والعراق محظوظ بما أنعم الله عليه من إمكانيات طبيعية وايضاً موقع تأريخي مهم وأيضاً بكفاءات بشرية متميزة على صعيد الشرق الأوسط وعلى صعيد العالم الإسلامي.
أملي كبير بأن تتحول هذه التحديات إلى فرصة كبيرة ليست فقط لخير العراق وانما لخير المنطقة.
أنتم أيتها السيدات والسادة من جيلٍ هو صاحب مصلحة حقيقية في السلام. ولكم من الاهتمامات والكفاءات الإبداعية ما يمكن أن يكون مساحة ظهورها وعملها أكبر وأشد فاعلية كلما سادت ونشطت ظروف السلام والبناء.
نأمل لنا جميعاً أن يسودَ المنطقةَ والعالمَ السلام.
أن تنتصر لغةُ العقل والحكمة.
أن نتعاونَ من أجل التقدم والصداقة وأن نتجاوز المفردات التي أشغلتنا في متاهات نحن في غنى عنها، شبابنا بحاجة إلى فرص للعمل، شبابنا بحاجة إلى مدارس جيدة وخدمات صحية أفضل بكثير مما لدينا اليوم.
مواطنونا بحاجة وليس فقط في العراق وانما في عموم المنطقة إلى حكم رشيد يتمتع بثقة المواطن، حكم أمين على المال العام يقوم باستثماره لخدمة مواطنيه.
ما تحقق من تقدم في بقاع اخرى في العالم لا يستعصي على منطقتنا ونحن اصحاب الكفاءات وهذه الطاقات وهؤلاء المبدعين والمبدعات.
شكراً جزيلاً لحضوركم لهذا المؤتمر وأتمنى لهذا الملتقى كل النجاح فهي مبادرة مهمة وشكراً لسماحة السيد عمار الحكيم”.

اترك رد