هادي جلو مرعي
حرب على الفساد، أم حرب بين الفاسدين؟
سؤال في غاية الأهمية في ظروف تحول فيها الفاسدون الى حيتان إبتلعت الحكومة، والقوى التي تعلن أنها ضد الفساد، وتعمل على تحجيمه، والتضييق عليه، ومحاولة إنهائه بالطرق الممكنة التي تتوفر عبر وسائل قانونية، ومن خلال هيئات ولجان ومؤسسات دستورية. واللافت أنها فشلت في مساعيها تلك، وحتى اللحظة.
الحرب على الفساد في طريقها الى الفشل، بينما الحرب بين الفاسدين ترتفع حدتها، وتتواصل لأن هولاء تحولوا الى مافيات كبرى، وزعامات متنفذة وقادرة على التأثير، وحتى تعطيل الدور القضائي والقانوني مايجعلهم، ومن يعمل معهم، وتحت أمرتهم، ويسهل لهم، وينسق تحركاتهم، ويطور أعمالهم في منأى عن المسائلة القانونية، فليس من أحد لديه الجرأة أن يرتكب حماقة بحق نفسه واسرته ومستقبله، وصار الرأي السائد إما ان تندمج في مؤسسة الفساد، أو (خليك بعيد) عنها، ولاتدسن أنفك فيما لايعنيك، ولايغنيك، بل قد يؤذيك، وربما يجعلك عرضة للهلاك.
الفاسدون هم الأقوى، وهناك من يعمل معهم، وينتفع منهم في الداخل والخارج، وصارت الحرب على الفساد حرب بين الفاسدين لأن الذين يتكلمون عن محاربة الفساد هم في الحقيقة كالشعراء الذين يقولون مالايفعلون، بينما الفاسدون المتنفذون يقولون ويفعلون ويسخرون من كل مسؤول، أو ناشط يفكر في إزعاجهم لأن يدهم هي العليا، ويد الباحثين عن التغيير هي السفلى.
لدى هولاء المتحاربين قنوات فضائية وصحف وإذاعات، ويعمل لديهم الآلاف من المواطنين، ويتوسلهم الصحفيون والإعلاميون ليكونوا جزءا من عملهم. فهم بلاحول ولاقوة، ويحتاجون الى العمل ليعيلوا أسرهم وأنفسهم، ويمارسون دورهم في خدمة الشيطان.
وسائل الإعلام الممولة من الفاسدين تستخدم لهجمات متبادلة، وصعقات وضربات تحت الحزام، وليس مهما صرف المال لأنه ليس من جيوبهم أصلا، فهو مال عام سائب غير محمي، ولاأحد يجرؤ على التدخل فيه، أو القيام بإجراءات لمنع التلاعب فيه، والتحكم ونقله وتهريبه الى الخارج، وإستثماره في مطامح شخصية.
نهاية الحرب على الفساد، وفشل هذا الحرب عنوان المرحلة المقبلة.