رئيس الجمهورية للقادة العرب والاوروبيين: رؤيتنا لمصالحنا الوطنية تستند على حماية سيادة العراق والنأي عن سياسة المحاور

0 59

وفي ما يلي نص الكلمة:

“بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي
فخامة السيد دونالد توسك
أصحاب الجلالة والفخامة والمعالي السيدات والسادة

من دواعي اعتزازنا، أن نكونَ هنا، على ارض مصر الحبيبة، في هذه القمة التي نعتقدُ بضرورتِها خصوصاً في هذه الظروف الحساسة.
المشتركاتُ في الجوار التاريخي العربي الاوربي والضرورات الاقتصادية والتكامل الثقافي، تفرض نفسها على الجميع ، وتدعم تبني العمل المشترك، لتمكين شعوبنا من المضي معا نحو المستقبل.
أمام دول المنطقة ، تحدياتُ الإرهابِ والعنف، تحدياتُ الهجرة والبطالة، ومعها توتراتٌ سياسية في أكثر من مكان، وقد تُنذرُ بما يمكنُ أن يكونَ أسوأ، أمام أصدقائنا الأوربيين تحدياتٌ أخرى بمستوياتٍ مختلفة.. لكن أمامنا جميعاً التطلعاتُ الكبيرةُ لتعزيزِ وتطويرِ الشراكةِ والعملِ من أجل تعاونٍ ( أوربيٍ / عربيٍ ) يُسهم في تنميةِ وتطورِ العلاقاتِ المشتركة ويجتثُ مصادرَ الارهابِ و التطرفِ.
أنا قادمٌ من العراق ،، الذي واجه بشجاعة تهديدات الارهاب ممثلا بتنظيم “داعش” ، ونجح عبر تبني مبدأ التعاون الاقليمي والدولي في تقويضه وكسره. وكان الانتصارُ ثمرةً لإرادةِ العراقيين ودفاعِهم عن بلدِهم ومدنِهم، فيما كان للجهدِ المؤازرِ للتحالفِ الدوليِ ومن الجيران دورُه المهم الذي لا ننساه.
لكننا، في العراق، ندركُ أن النصرَ الفعليَ المتحققَ على التهديدِ المباشرِ للإرهابِ وفكرِه المتطرفِ، ما زال يتطلبُ الكثيرَ منّا ومن دولِ المنطقةِ بل والعالمِ حتى يكونَ نصراً راسخاً حاسماً و مستداماً. فالقوةُ العسكريةُ و الاجراءاتُ الأمنيةُ مهمةٌ وأساسية، في مواجهة تحديات الإرهاب، لكن تبقى المبادرةُ الثقافيةُ والاقتصاديةُ والحوكمةُ الرشيدةُ والتنمية وتمكين المرأة وحماية البيئة هي الأهم في تجفيف مصادر الفكر المتطرف.
ينبغي إنهاءُ الكارثةِ في سوريا وتوحيدُ الجهودِ لاستئصال الإرهاب وتعزيزُ فرص الحل السياسي المستند إلى الإرادةِ الحرةِ والوطنية لإخواننا السوريين أنفسِهم.
ليبيا المتشاطئة مع أوربا تستحقُّ بعد هذه المعاناة أن يحظى شعبُها بالاستقرارِ والبناءِ في دولةٍ ديمقراطية.
لا شك ينبغي الحثُّ والعملُ المسؤول من أجلِ بلوغِ حلٍّ عادلٍ لمشكلةِ الشعب العربي الفلسطيني في دولتِه المستقلة، وعلى ترابِه الوطني على أسسِ الشرعيةِ الدولية وقراراتِ مجلس الأمن.
ونعتقد أيضا بأهمية تضافر الجهود لإنهاءِ معاناةِ الشعبِ اليمني من خلال تعزيز فرص السلام والحوارِ الوطني البنّاء.
سيداتي سادتي..
العراقُ الخارجُ لتوّهِ من معركتِه ضد الارهاب يرى أن الإعمارَ والتنميةَ، هما الاستحقاقُ الأهم الذي يساعدُ في ترسيخِ النصر، هذا ما يُعينُنا على إعادةِ المهجَّرين والنازحين، وهذه مصلحةٌ مشتركة ما بين العراق ودول المنطقة والدول الأوربية ودول العالم الأخرى من حيثُ الجدوى الاقتصادية التي تتيحها الاستثماراتُ والبناء، فمعالجةُ ظواهرِ الهجرة وتبعاتِها، مرهونٌ بمعالجةِ أسبابِها في المنطقة وبتوفير البيئةِ الدولية المساندة للإصلاحِ والتنمية المستدامة.
العراقُ الآن بدورِه الطليعي في محاربةِ الإرهابِ والتطرف، وبموقعِه الستراتيجي ومواردِه وباستحقاقِ الإعمار فيه، يتطلعُ الى أن يكون ساحةَ توافق لمصالح دولِ المنطقة وشعوبِها لا ساحةً للتناحرِ والتنازع. كما ان العراق بعمقِه العربي والخليجي، وبجوارِه الاسلامي، وبما يمتلكه من مواردَ طبيعيةٍ وبشرية، يمكن أن يكونَ فاعلاً في لمّ شمل المنطقة وتخفيفِ التوتر فيها.
رؤيتنا لمصالحِنا الوطنية واستحقاقات التنمية، تستند على حمايةِ سيادة العراق واستقرارهِ وعلى النأيِ به عن سياسةِ المحاورِ، و ان لا ينحاز لغير امن وسلام واعمار و سيادة العراق ودول المنطقة، ولذلك نتطلع إلى مساهمةٍ فاعلةٍ لبناءِ منظومةٍ جديدة مستقرة في المنطقة قوامُها الأمنُ المشترك والتكاملُ الاقتصاديُ من خلال ترابطِ البُنى التحتية ونزع اسباب التوتر والنزاع.
لقد اجتاز جيرانُنا الأوربيون معاناةَ حربين عالميتين، فخرجوا منها نحو أوربا حرة ومتقدمة وذلك بخلقِ منظومةِ مصالح اقتصادية وقيمٍ ثقافية وسياسية مشتركة.
على جانبي المتوسط، نشأت أعظمُ الحضاراتِ عبر التاريخ، ومن المسؤوليةِ إزاءَ التاريخِ والحاضرِ أن نعملَ معاً. وأؤكد في الختام دعوتَنا، من هذه القمة، إلى تعاونٍ شامل يكرسُ المنافعَ المتبادلة في التنميةِ والأمن بين الدول المتجاورة والمتشاطئة على بحرين حيويين في هذه المنطقة هما (المتوسط والخليج) وحين يتمتع هذا الجزء الحيوي من العالم بالامن والرفاهية فان استقرار العالم سيكون مرتكزا على هذه المنطقة.
إن لقاءَنا اليوم على أرضِ مصرَ الكنانة، له أكثرُ من معنى، فهذه الارض التي احتضنت إلى جنبِ شقيقتِها بلادِ الرافدين، أعرقَ الحضارات الانسانية هي أيضاً حلقةُ الوصل الجغرافي بين قارتي آسيا وافريقيا وهي الدولةُ الفعالةُ المطلةُ على البحر المتوسطِ المقابلةِ لقارة أوربا، وقد مكنها هذا الموقعُ من أداءِ دورٍ حضاري كبير في السابق، وسيجعلُها قادرةً على تقديمِ دورٍ كبير في الحاضر والمستقبل بما يكرس التعاونَ الاقليمي والحوار بين القارات الثلاث.
الجهدُ الحيوي لمصرَ ولجامعةِ الدولِ العربيةِ وللمنظومة الأوربية يستحقُ منا التقديرَ والثناء.
وليس هذا في النهاية بغريبٍ على مصر، وشعبِ مصرَ العظيم، هذه الحفاوة وهذه الاستضافة، ويحتضنُ امانينا بمستقبل يليق بشعوبنا الحية.
شكراً لمصر..
شكراً سيادة الرئيس.
شكراً لكم جميعا ..”

اترك رد