اعلنت امانة بغداد، المباشرة بتحويل بيت الشاعر محمد مهدي الجواهري الواقع في حي القادسية الى متحف ومركز ثقافي.
جاء ذلك خلال لقاء امينة بغداد الدكتورة ذكرى علوش نجل الشاعر الدكتور كفاح وحفيدة الشاعر بان فرات بحضور مدير عام العلاقات والاعلام لبحث مستلزمات تحويل بيت الشاعر الجواهري الذي سكن فيه مع عائلته لسنوات طويلة الى متحف ومركز ثقافي يليق بمكانة شاعر العرب الاكبر.
وذكرت مديرية العلاقات والاعلام ان أمانة بغداد استملكت بيت الجواهري وهو الان بعهدتها وستقوم ملاكاتها الهندسية والفنية والبلدية بصيانة وترميم المبنى لتحويله الى متحف ومركز ثقافي بعنوان (بيت الجواهري) بالتعاون والتنسيق مع عائلة الشاعر تعرض فيه مقتنيات وكتب ودواوين الجواهري وصوره واوراقه وبعض الاعمال النحتية الخاصة به.
وتابعت، ان المتحف سيكون مفتوحاً للجمهور وللوفود لزيارته والتعرف على لمحات من سيرة وآثار الشاعر الكبير وليصبح معلماً ثقافياً مرموقاً يليق بمكانة هذه الشخصية الوطنية.
وعبر نجل الشاعر الدكتور كفاح الجواهري عن امتنانه وتقديره العالي لأمين بغداد والامانة لما بذلته من جهود خيرة وحثيثة وملموسة لتحويل ذلك الحلم الى حقيقة على ارض بغداد التي أحبها الجواهري وطالما تغنى بها عبر عشرات القصائد التي غدت اليوم من تراث بغداد.
حياتهِ
محمد مهدي بن عبد الحسين الجواهري، شاعر عراقي يعد من أهم شعراء العرب في العصر الحديث
ولد في مدينة النجف، وكان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف، أراد لابنه أن يكون عالماً دينياً، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة.
وترجع أصول الجواهري إلى عائلة نجفية عريقة، نزلت في النجف منذ القرن الحادي عشر الهجري، وكان أفرادها يلقبون بـ «النجفي» واكتسبت لقبها «الجواهري» نسبة إلى كتاب فقهي قيم ألفه أحد أجداد الأسرة وهو الشيخ محمد حسن النجفي، وأسماه «جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام « ويضم 44 مجلداً، لقب بعدها بـ «صاحب الجواهر»، ولقبت أسرته «بآل الجواهري» ومنه جاء لقب الجواهري.
قرأ القرآن الكريم وهو في سن مبكرة ثم أرسله والده إلى مُدرّسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة والنحو والصرف والبلاغة والفقه. وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من كتاب نهج البلاغة وقصيدة من ديوان الشاعر أبو الطيب المتنبي.
نظم الشعر في سن مبكرة، وأظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر، ولقد كان في أول حياته يرتدي لباس رجال الدين، واشترك في ثورة العشرين عام 1920 ضد السلطات البريطانية، وصدر له ديوان «بين الشعور والعاطفة» عام 1928م.
وكانت مجموعته الشعرية الأولى قد أعدت منذ عام 1924م لتُنشر تحت عنوان «خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح».
ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان ما يزال يرتدي العمامة، ثم ترك العمامة كما ترك الاشتغال في البلاط الملكي وراح يعمل في الصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة (الفرات) وجريدة (الانقلاب) ثم جريدة (الرأي العام)، وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين.
استقال من البلاط الملكي سنة 1930، ليصدر جريدته (الفرات) ثم ألغت الحكومة امتيازها وحاول أن يعيد إصدارها ولكن من دون جدوى، فبقي من دون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931، في مدرسة المأمونية، ثم نقل إلى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير، ومن ثم نقل إلى ثانوية البصرة، لينقل بعدها لإحدى مدارس الحلة.
في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي، لكنه سرعان ما بدأ برفض التوجهات السياسية للانقلاب فحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور.
بعد مرور شهر على سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام)، ولم تتح لها مواصلة الصدور، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة، وكان موقفه من حركة مايس 1941 سلبياً لتعاطفها مع ألمانيا، وللتخلص من الضغوط التي واجهها لتغيير موقفه.
غادر العراق مع من غادر إلى إيران، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام).
انتخب نائباً في مجلس النواب العراقي في نهاية عام 1947 ولكنه استقال من عضويته فيه في نهاية كانون الثاني 1948 احتجاجاً على معاهدة بورتسموث مع بريطانيا، واستنكاراً للقمع الدموي للوثبة الشعبية التي اندلعت ضد المعاهدة واستطاعت إسقاطها.
بعد تقديمه الاستقالة علم بإصابة أخيه الأصغر بطلق ناري في تظاهرة الجسر الشهيرة، الذي توفي بعد عدة أيام متأثراً بجراحه، فرثاه في قصيدتين «أخي جعفر» و»يوم الشهيد»، اللتان تعدان من قمم الشعر التحريضي، وشارك في عام 1949 في مؤتمر « أنصار السلام» العالمي، الذي انعقد في بولونيا، وكان الشخصية العربية الوحيدة بين جموع اليهود الممثلة فيه، بعد اعتذار الدكتور طه حسين عن المشاركة.
شارك في تأبين العقيد عدنان المالكي في دمشق عام 1956 وألقى قصيدته الشهيرة (خلفت خاشية الخنوع ورائي وجئت أقبس جمرة الشهداء)
غادر العراق لآخر مرة، ومن دون عودة، في أوائل عام 1980، تجول في عدة دول ولكن كانت إقامته الدائمة في دمشق التي أمضى فيها بقية حياته حتى توفي عن عمر قارب المئة سنة.
وفاتهِ
توفي الجواهري في احد مشافي العاصمة السورية دمشق صبيحة يوم 27 (تموز)سنة 1997 عن عمر يناهز الثامنة والتسعين، ونظم له تشييع رسمي وشعبي مهيب، شارك فيه أغلب أركان القيادة السورية، ودفن في مقبرة الغرباء في السيدة زينب في ضواحي دمشق.
زينب الحسني- الصباح الجديد