تقرير / إنعام العطيوي
تصوير / أدهم يوسف
برعاية معالي وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور عبد الأمير الحمداني وبأشراف الوكيل الأقدم الدكتور جابر الجابري وضمن إطار تقديم مركز الدراسات والبحوث الندوات الفكرية والبحثية الشهري احتضنت قاعة عشتار في دائرة الفنون العامة محاضرة للمركز بعنوان ” ثروة العراق بين الانطلاق والانغلاق .. شركة النفط الوطنية أنموذجاً” لوزير النفط الأسبق الدكتور إبراهيم محمد بحر العلوم وذلك صباح يوم الأربعاء الموافق 8/7/2019 .
وافتتح الندوة كلمة للدكتور جابر الجابري الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة رحب فيها بالسيد الدكتور إبراهيم محمد بحر العلوم مشيراً في مستهل حديثه ” إن من تدركه حالة الإفلاس والفقر والعدم تدركه حرفة الأدب وان الأدب والفقر والإفلاس والحاجة كانت قرينة بالإبداع والثقافة واليوم ونحن في بلد تجري انهار الذهب الأسود من تحت أقدامنا العارية تحولت هذه النعمة إلى نقمة وكل ذي نعمة محسود، لهذا دفع العراق اثماناً لم يدفعها احداً من قبلهم ولا بعدهم وهذه النعمة الموفورة التي من الله به علينا تحولت الى نارٍ تحرق باطن اقدامنا ليصل لهيبه الى رؤوسنا وعنان السماء وبالتاكيد ان العلاقة الوطيدة بين ثقافة الغنى وغنى الثقافة والفقر والعدم، والذين يبحثون عن قوتهم في الزابل والذين يسرقون وينهبون ويختلسون كل هذه المفارقات والعلامات الفارقة يحملها هذا البلد واليوم نحن امام قامة من قاماتنا الوطنية التي خاضت بهذه الثروة وهذه النعمة ودخلت الى اعماق انهارها وابارها ولاحقتها الى ابعد نقطة بالعالم سواء كانت بشكلها الشرعي او مسروقة او منهوبة، وان ورجلُ امن برسالته قبل وبعد المسؤولية المباشرة بأروقة الدولة بمؤسساتهِ وعرف ان هذا البلد الثري بحاجة الى من يناقش ويدرس ويبحث ويتعلم كيف يتعامل مع هذه الثروة فذهب الى البلد الناهب والطامع الاول بهذه الثروة ليحمل شهادته من هناك وليتعلم على ايديهم ويرى بأم عينه كيف يتعامل هذا البلد الطامع بشركاته الاحتكارية والراس مالية والتي لا تنظر الى دماء الشعوب وثرواتها الا على انها غنيمةً والا ان تكون مكسباً ومغنماً لها، ومن هناك حمل شهادته واختصاصه العلمي والاكاديمي من قلب البلد الذي عينه لا تنام عن العراق وهذه القامة الوطنية المختصة السيد ابراهيم بحر العلوم وهو من اسرة البحار والعلم في الادب نتشرف في استضافته كعادتنا بمركز الدراسات بوزارة الثقافة متمنين على ذاكرته ووعيه وعقله وعلمه ومعرفته ان تسبغ علينا هذه الساعة ما نحن كمثقفين وموظفين في الثقافة ان نتعلم على يديه ما يخصنا في مواجهة هذه النعمة كيف نتعامل معها كيف نستغلها وندافع عنها لا ان نكون كالعير في البيداء يقتلها الضماء والماء فوق ظهورها محمولُ ونحن نحمل هذه الخيرات على ظهورنا وتجري تحت اقدامنا ولكننا دائماً الطرف الخاسر
ووجه الجابري تساؤل كيف نتعامل مع نعمة تحولت الى نقمة كبيرة في هذا البلد” شاكراً حضوره وتلبية دعوته بإلقاء هذه المحاضرة في وزارة الثقافة.
وقدم بحر العلوم محاضرة أغنى فيها الحضور بمعلومات فنية وتقنية وأكاديمية
جاء فيها “ان تاسيس شراكات لاستثمار هذه الثروة جاء لدفع بعجلة النهوض بالاستثمار الوطني وتعزيز قدراتنا في هذا المجال لتكون القدرات الوطنية قادرة على الاستثمار والتعاون والتنافس مع الشركات الاجنبية وهنا ياتي الحديث عن شركة النفط الوطنية والتي تعد كذراع وطني وتنفيذي لاستثمار الثروة النفطية في العراق”
واعرب بحر العلوم ” ان هذا الوليد لم يكون وليد اليوم ولكن الكل يسذكر قانون 81 لعام 1961 والذي صدر في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم والذي سحب الامتيازات من الشركات الاجنبية وكان امام خيار من سيقوم بتعزيز واستثمار هذه الثروة فكان الخيار تأسيس شركة النفط الوطنية في عام 1964 وتمكنوا من ايجاد قانون لهذه الشركة في عام 1965 يختزن الشعب العراقي منذ عام 1967 وما بعد من السنوات اللاحقة الجهد الوطني الذي تمثلت به شركة النفط الوطنية من عمليات استكشاف واسعة ضاعفت الاحتياط النفطي للعراق إضافة للجهود المضنية في زيادة الانتاج النفطي وتتمتع هذه الشركة باستقلالية نسبية واستمرت هذه الشركة حتى سنوات التاميم ”
كما اوضح الدكتور ابراهيم سبب استنزاف الجهد والوقت الكبير لانشاء مشروع شركة النفط الوطنية خلال 15 عام في حين هناك اهتمام على مستوى القيادات السياسية والوطنية بمشروع شركة النفط الوطنية ولا يختلف عليه احد في ضرورة احياء الشركة ولكن في الواقع فان حيثيات عدم نجاح هذه المشاريع هو غياب بوصلة المشروع الوطني والذي من احد مفرداته هو مشروع النفط الوطني ولعله الاختراق الوحيد الذي حدث يوم 5 اذار في الدورة الانتخابية الثالثة تمكن المشرع العراقي من تمرير قانون مشروع النفط الوطني وهو يعتبر اختراق لان هذا القانون بقي في ادراج المجلس والحكومة قرابة 15 عام حتى شهد يوم 5 اذار شبه اجماع وطني ولاول مرة يحدث اختراق في الصف الكردي وهي نقلة نوعية بانقسام الصف الكردي في الاتحاد الكردستاني ويصبح الى جانب القانون والذي يتضمن احد مواده يكون لهذه الشركة الحق في العمل بكافة الاراضي العراقية وهو يعد جزاء مهم في التطور ونقلة نوعية في التحالف الكردستاني معرباً خلال 15 عام هناك قصة لا يمكن اختزالها في ندوة واحدة”
على صعيد متصل قدم الحضور مداخلات كان من أهمها مداخلة وكيل وزارة الثقافة السيد طاهر ناصر الحمود مشيراً ان هذا الموضوع هو تقني وفني صرف ضرورة ان يحظى باهتمام الجمهور المثقف لمعرفة اهمية الثروة النفطية، اوصل خلالها المحاضر معلومات دقيقة لغير المتخصصين في هذا المجال وتسليط الضوء على قضايا مهمة جدا كانت تخفى عن الأنظار مستفسراً فيه ماهي فائدة تأسيس شركة النفط الوطنية ولماذا يعتبر تأسيس هذه الشركة إنقاذ لثروتنا النفطية وما الفرق في ان تتولى شركة النفط الوطنية الإنتاج وبين ان تتولاه الحكومة المركزية من خلال وزارة النفط وما هو مصير القانون بعد المصادقة عليه وهل وضع موضع التطبيق؟
من جانب اخر بين الدكتور علي عويد العبادي ان وزارة الثقافة تعد منبر ثقافي لكل الاختصاصات ولا غريب بطرح مثل هكذا اختصاص نادر من خلال المنبر الثقافي بقاعة عشتار لإيقاد العقول الثقافية بأهمية إيجاد طرق وأساليب التعامل مع إدارة مثل هكذا ثروة عظيمة وهذه الندوة جاءت في وقت تعد فيه الثروة النفطية هي المحور الأساس لتحريك الوضع في المنطقة الإقليمية والسياسية والاقتصادية وما يدور من أحداث مر بها العراق.
وفي الختام قدم السيد طاهر ناصر الحمود وكيل وزارة الثقافة درع الثقافة الابداعي الى الدكتور ابراهيم بحر العلوم على هذه المحاضرة القيمة والتي عبر عنها في حديثه بأنها شدت انتباهة من أولها لأخرها.