في ندوة فكرية تخصصية بعنوان قبسات من سيرة المرحوم اية الله السيد محمد علي الحكيم

علي الحلو/ الإعلام
أقام مركز الامام محمد الباقر (عليه السلام) لإحياء التراث بالتعاون مع مؤسسة كاشف الغطاء العامة ندوة فكرية تخصصية تعنى بإحياء تراث أهل البيت (عليهم السلام) بعنوان (قبسات من سيرة المرحوم آية الله السيد محمد علي الحكيم (قدس سره)) وذلك على باحة المدرسة المهدية الدينية، أدار المحاضرة السيد نبأ الحمامي مدير مركز الإمام محمد الباقر (عليه السلام)، وقد حاضر خلالها حجة الاسلام والمسلمين السيد عز الدين الحكيم بمحاضرة فكرية سلط خلالها الاضواء على سيرة اية الله المرحوم السيد محمد علي الحكيم (قدس سره) بجوانبها العلمية والاجتماعية والتربوية، وقد أشاد المحاضر في بداية محاضرته بالجهود المبذولة من قبل القائمين على هذه الندوة، مشيداً بدور مركز الامام محمد الباقر (عليه السلام) ومؤسسة كاشف الغطاء العامة على احياء تراث العلماء الأعلام، قائلاً ” اتقدم بجزيل الشكر الى مؤسسة كاشف الغطاء العامة لما لهذه الاسرة من فضل في بناء حوزة النجف الاشرف ولما لها من عمق تاريخي ويذكر أن سماحة السيد الجد (قدس سره) كان من سكنة مدارس آل كاشف الغطاء ويذكرها بكل فضل.
وقد تطرق الى أن “حياة المرحوم السيد الجد له خصائص كثيرة فقد كان يتمتع بالإيمان بالله والصبر والتواضع ومميزات كثيرة يستحق ان نستفيد منها”.
اهتمامه بطلب العلم:
تميز المرحوم قدس سره بجانبين بعد الشخصية وجهوده في الحفاظ على العلوم الدينية فقد عاش المرحلة التاريخية الحرجة التي عاش فيها بداية حياته بين الاحتلالين بين الحرب العالمية الأولى والثانية ومخلفات الدولة العثمانية الفاسدة وتأسيس الدولة العراقية الجديدة والتي كان للدولة العثمانية الأثر الكبير في تأخر تطور الدولة العراقية آنذاك حتى جاء الاحتلال البريطاني وجاء بأساليب حديثة وصارت الحالة تشبه حالة الردة عن الإسلام نتيجة شعور الناس بالفرق الكبير بين الدولة التي حكمت باسم الاسلام والدول القادمة المحتلة التي جاءت بما يسمى الحداثة هذا انعكس بشكل فعلي وجدي على أوضاع حوزة النجف فهي ليست لها أي حماية أو غطاء رسمي آنذاك أو أي مؤسسات توفر لها الضمانات المعيشية اللازمة وتعتمد على جهودها الذاتية بمقدار ما تستطيع التواصل مع جمهورها وتحصل على الدعم ما يعطيها الاستمرارية في الحياة، هذا كله انعكس على اجواء الحوزة العلمية في النجف، فالحوزة الدينية قد عانت كثيراً في تلك المرحلة الحرجة، فصار لدينا نوع من الردة عن كل ما يرتبط بعالم الاسلام ويرتبط بعالم الدين وكثير من رجال الدين انصرفوا عن التوجه الى طلب العلم وفتحت لهم الابواب للدولة الحديثة والتعيينات والوظائف في تلك الحقبة من الدولة فقد صار في أجواء النجف آنذاك ردة عنيفة عن طلب العلم وتحول الى ارتداد عن الدين والاسلام اصلا وظهرت بعض الحالات طرأت على المجتمع، حينذاك كان قدس الله سره يرفض كل الامتيازات التي تقدم له من قبل الدولة وكان صامداً ولم يذهب الى ميدان الوظائف التي كانت متاحة وقد قام بتدريس العلوم الدينية من المقدمات ثم أخذ بتدريس الكفاية.
كان وضعه المعاشي صعباً جداً، وكان يقتني العلوم جميعاً سواء العلوم الدينية أو العلوم الاجتماعية أو التطبيقية الجديدة والحديثة وكان يشجع على العلم والتعلم بكافة فروعه، ففي تلك المرحلة الصعبة والحرجة التي كانت تعيشه الحوزات العلمية وخصوصاً في النجف الاشرف والضغط النفسي والاجتماعي كان المرحوم له دور كبير في الصمود والصبر وفي الاصرار ووضوح الرؤية، فكان له جهد كبير في توجيه أولاده إلى طلب العلم ورغم أن الاجواء كانت مختلفة لكنه كان على اتم القناعة بأن هذا المسير هو المسير الصحيح الذي يجب ان يهتم به ويستفاد منه، كان اهتمامه بأن يكون طالب العلم وطلب العلم بلا عناوين أو شكليات، كانت توجيهاته لنفسه ولمن ينصحه ونصيحته في فهم المطالب العلمية للدروس وكان يركز على طالب العلم.
وتميز بجلسات المذاكرة والمباحثة بعد الدرس فكان مهتم بها وقد أوصى اولاده بأن يكون الانطلاق للعلم انطلاقاً حقيقياً، يحضر مجالس النجف بشكل مستمر وكذلك اهتم بتوجيه الشباب ونصحهم.
الاسلوب التربوي في شخصيته:
كان يترفع عن أي مشكلة اسرية او مجتمعية، بسيطاً ويتعامل بتواضع كبير ودقيق جداً بكل شيء، وحريص على عدم التبذير، ان للسيد محمد علي الحكيم دور كبير ومهم جداً في توجيه الشباب الى طلب العلم والتشجيع على طلب العلم فكان للسيد المرحوم فضلاً كبيراً في ذلك.
ومن جوانب حياته الكثيرة التي تستحق ان نوقف عندها منها صبره وتحمله للمشاكل والظروف القاسية التي عاشها في فترة النظام السابق أيضاً اهتمامه بشؤون الحوزة ومواقفه المشرفة تجاهها.
هذا وقد تضمنت المحاضرة مداخلات وأسئلة من قبل الحاضرين أغنت موضوع المحاضرة.
ويعد آية الله السيد محمد علي الحكيم (قدس سره) من اساتذة الحوزة العلمية في النجف الاشرف، والمرحوم آية الله السيد محمد علي الطباطبائي الحكيم (1329هـ – 1432 هـ), معاصر لجيلي علماء حوزة النجف الأشرف العلمية, ومن أساتيذ علمائها ومجتهديها, فقد تتلمذ على يديه علماء ومراجع عصره: كالشيخ محمد حسين الأصفهاني، والشيخ ضياء الدين العراقي, والإمام السيد محسن الحكيم، والشيخ حسين الحلي، والسيد حسن البجنوردي. ويعدّ من أركان مرجعية الإمام الحكيم, والمتكلّم عن لسانه, ومن أساتذة البحث الخارج في الفقه الأُصول، بالإضافة إلى تضلّعه في الرياضيات والهندسة والهيئة، حتّى إنّ المرجع السيد الحكيم(قدس سره) كلّفه بكتابة قسمة المواريث وفقاً لقواعد الرياضيات الحديثة.

Comments (0)
Add Comment