كلمة السيد وزير الخارجية في الإجتماع الوزاري للقمة العربية التنموية ببيروت

0 121

 

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية الشقيقة

معالي أمين عام الجامعة العربية

اصحاب الفخامة والسيادة والسمو والمعالي

الحضور الكريم

السلام عليكم جميعاً

يسعدنا أن نكون في بيروت التي كانت وستبقى على مرِ الزمان المدينة العربية التي تحتضن الجميع وتتباهى بجمالها وألقها ..وتحية من بغداد الى أهلها والأشقاء العرب جميعاً.

السيدات والسادة الحضور

ان العراق اليوم اصبح نقطة التقاء لا افتراق و​​ابوابه مشرعةٌ للتعاون والتكامل العربي بجميع صوره، وسيلعب دوراً محورياً في دعم الامن والاستقرار في المنطقة وفي بناء منظومة علاقات عربية مشتركة قائمة على تبادل المصالح بعيداً عن المحاور وان يكون تطوير الاقتصاد هو الهم الاول والهدف الاسمى .

ان سياسة العراق منصبة على الانفتاح الاقتصادي ومد يد الصداقة والتعاون لجميع الدول الشقيقة والصديقة وبناء شبكة علاقات اقتصادية واسعة وجذب الاستثمارات الاجنبية، فقد آن لشعوبنا ان تعيش بخيراتها وتتنعم بثرواتها الأقتصادية، وآن للجيوش والمجهود العسكري والطاقات البشرية ان تتحول الى عامل مساعد في حملات البناء والاعمار. ونحن ماضون نحو تحقيق اهدافنا بالنمو الاقتصادي والعمراني وتوفير خدمات تليق بمواطنينا الذين عانوا طويلاً من تعطل فرص النمو نتيجة الحروب والاهمال .لقد دفع الشعب العراقي ثمناً غالياًنتيجة الحروب والسياسات الخاطئة التي بددت ثروات البلاد، ثم اكملت هذا التخريب عصابات الارهاب بمختلف مسمياتها وصولاً الى داعش .

ومن هذه المنطلقات وضعنا برنامجاً حكومياً طموحاًبتوقيتات زمنية معلنة يشمل تطوير جميع قطاعات العمل والانتاج وتعظيم الموارد وتحسين الخدمات ومكافحة الفساد وصادق عليه مجلس النواب ، وانطلقنا به على بركة الله بشكل مدروس وحسب الاولويات ونتطلع الى ان يقطف الشعب العراقي ثمار صبره وتضحياته والدماء الغالية التي قدمها على طريق الدفاع عن الوطن والتصدي للارهاب. إن أمامنا جميعاً الكثير من العمل لتهيئة ارضية مشجعة للاستثمار وتبسيط الاجراءات ومحاربة البيروقراطية والانتقال بعيداً عن الدولة الريعية، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل الوطني وتنويع مصادر الدخل والتوجه نحو القطاع الخاص والقطاعات الحقيقية المنتجة.

ان اهم رسالة نبعثها عبر مؤتمرنا هذا هي عزمنا على توجه دولنا وحكوماتنا نحو التنمية المستدامة وتحقيق الازدهار والاستقرار وطي صفحات الاختلافات والمنازعات، ففرص الحياة لدينا واسعة وثروات هذه الأمة وامكاناتها هائلة لكن الواقع مؤلم وشعوبنا تعاني من الفقر والامية والبطالة ومثقلة بالديون والازمات .

ندعو الى التكامل الاقتصادي وتأسيس مناطق اقتصادية مشتركة كبرى وتحويل الحدود بين دولنا الى مناطق استثمار وورش عمل تنفع الجميع ، ولابد من العمل على إيجاد آليات فاعلة وقابلة للتطبيق في مجال التعاون الاقتصادي بتشجيع الاستثمار المشترك للمشاريع المدرة للدخل للقضاء على البطالة .

السيدات والسادة

مازالت دولنا تواجه تحديات كبيرة تمس الامن والسيادة بسبب التطورات المتلاحقة والمتمثلة بتسارع وتيرة الارهاب وماتبعه من موجات نزوح ولجوء وازدياد نسب البطالة بين اوساط الشباب وتردي الخدمات الاساسية على المستوى الاجتماعي والصحي والاقتصادي، فضلاً عن مشكلات الآمن الغذائي والتغير المناخي .

ان توفير منطلقات الامن الغذائي لبلداننا العربية يعد ركيزة اساسية في تعزيز العمل العربي المشترك بما يخدم المواطن العربي ويرتقي بمستوى معيشته من خلال تكريس سياسات امنية غذائية، والالتزام بتنفيذ البرامج والاتفاقات. ومن هذا المنطلق نرى ان تركز القمة العربية التنموية على اعتماد آليات وسياسات ملائمة للوصول الى عالم عربي خالٍ من الفقر والجوع والامراض تتوافر فيه كل مقومات الحياة الكريمة ومستوى لائق يؤهله لمواكبة مستجدات العصر.

وايماناً منا بمحورية الطاقة المستدامة في تحقيق التنمية المستدامة وتمكين المجتمعات العربية من التمتع بطاقة مناسبة اقتصادياً، فإن علينا ان نعي كيفية الحفاظ على مواردنا الطبيعية وتنميتها، وهنا ياتي الدور المحوري لجامعة الدول العربية ومؤسساتها المتخصصة .

وفي نفس السياق، وتأكيداً على التزامنا بتحقيق اهداف التنمية المستدامة 2030 فلابد من دعم جهود الدول العربية في تنفيذ المشروعات التكاملية، وارساء اطار تشريعي مؤسسي لسوق عربي متكامل للكهرباءادراكاً منا لاهمية الدور الحيوي لقطاع الكهرباء في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والذي من شأنه توفير مزايا اقتصادية واجتماعية تسهم في تحريك الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب وتخفيض نسبة البطالة بين هذه الشريحة.

السيدات والسادة الكرام

مما لاشك فيه ان نهوض اي امة وتنميتها يرتبط ارتباطاً عضوياً بالحرية وبالثقافة التي لابد من رعايتها وارساء دعائمها في المجتمع المدني العصري. من هنا ياتي دور السياحة في التعريف بالتراث الثقافي المعرفي العربي والاهتمام بمواقع التاريخ والتراث والحضارة العربية التي تتميز بكونها فريدة على المستوى العالمي. كما يأتي دور حكوماتنا في المحافظة على تراثنا الثقافي امام المخاطر التي تهدده وما ينجم عنها من تغيير في التركيبة الاجتماعية وتأثيرها بشكل اساسي على لغتنا العربية التي تعد الحاضن لهويتنا الثقافية. لذا نجد من الضروري تبني برامج وسياسات للترويج لاي منتج يحمل طابعاً ثقافياً يؤكد على هويتنا وثقافتنا العربية.

ومن هذا المنبر ندعم الجمهورية التونسية في استضافة الاجتماع المشترك القادم لوزراء السياحة ووزراء الثقافة خلال عام 2019 لمتابعة تنفيذ مبادرة (التكامل بين السياحة والتراث الحضاري والثقافي في الدول العربية) .

السيدات والسادة الحضور

لقد شهدت منطقتنا العربية ظروفاً انتجت مجتمعات غير مستقرة وغير آمنة وتحولات خطيرة ألقت بظلالها على آلاف الاسر المهجرة والنازحة قسرياً بسبب اعمال العنف والارهاب التي خلفت آلافاً من الارامل واليتامى والمعاقين. هذا المشهد المؤلم والمؤسف نتج عنه تفكك أُسريٌ وإنعدام في التماسك الاجتماعي. ومن هنا تأتي مسؤوليتنا كدول وحكومات لصياغة سياسات وتبني آليات لدعم ادراج احتياجات الاسرة العربية ضمن اولويات التنمية المستدامة، وضرورة متابعة تنفيذ وثيقة منهاج العمل للاسرة في المنطقة العربية بالتعاون مع المنظمات الاقليمية والمنظمات الدولية ذات العلاقة. فضلاً عن حماية النساء والاطفال اثناء النزاعات المسلحة وضرورة ادماج المرأة في مسيرة التنمية وتمكينها اقتصادياً في المجتمعات المحلية .

ولا يخفى على احد تأثير النزاعات والحروب على ظاهرة عمل الاطفال، والذين كانوا عرضة بشكل مباشر لازمات التهجير القسري والنزوح او اولئك الذين تم تجنيدهم او استخدامهم من جانب الجماعات المسلحة للانخراط في انشطة لها علاقة بالنزاعات، وهذا يتطلب منا عملاً جماعياً تشاركياً لحماية هذه الشرائح وتمكين اكبر قدر منها من الاندماج في مجتماعاتهم المحلية.

وأخيراً، اتوجه الى رئاسة القمة والسادة المسؤولين الى ضرورة ان تركز هذه القمة على اتخاذ قرارات مصيرية وتتبنى خطة عمل واضحة وذات اهداف محددة وضمن اطار زمني محدد لمواجهة التحديات التي تعصف بمنطقتنا العربية وتضع نصب عينها الارتقاء بالمواطن العربي الذي هو اساس التنمية وركيزتها واداتها في نفس الوقت ومعالجة كل التهديدات التي تعيق تقدمه ومواكبته لمستجدات العصر وصولاً الى مجتمعات خالية من العنف والفقر والمرض ومبنية على اسس العدالة وتكافؤ الفرص.

ونتطلع معكم الى عهد جديد نرسي به اسس الامن والاستقرار الدائمين لتتحول به منطقتنا العربية من ساحة اقتتال الى منطقة تنافس اقتصادي ونقطة جذب لرؤوس الاموال والاستثمارات وتحقيق الازدهار والرخاء الاقتصادي الذي طال انتظاره… ومن الله التوفيق .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اترك رد