يوم عيد الغدير في تأريخ العراق المعاصر…قراءة في ثلاث مواقف

286

 

بقلم

د .محمد عبد الهادي النويني

النجف الأشرف
٢٤/ ٥ / ٢٠٢٤
١٥ ذو القعدة ١٤٤٥ هج

الموقف الأول :

كانت السمة الرئيسية للحركة الوطنية في النجف الأشرف تميزها بالكره للبريطانيين ( الكفرة ) ، ذلك الكره الذي بدأ مع حركة الجهاد ومقاومة الغزو البريطاني للعراق سنة ١٩١٤ م ، الذي أخذ ينمو مع وصول البوادر الأولى للإدارة البريطانية وحامياتها العسكرية في النجف والكوفة ليصل إلى قمته في ثورة النجف ضد البريطانيين في (١٨ آذار ١٩١٨ م ) وما تبعها من حصار مؤلم وأحكام قاسية بحق المشتركين فيها من إعدام ونفي وارهاب .
بدأت المفاوضات حول المعاهدة البريطانية- العراقية منذ ( ٢٩ آيلول ١٩٢١ ) ، حينما قدم المندوب السامي السر برسي كوكس مسودة المعاهدة من أجل البدء بالمفاوضات مع الجانب العراقي ، وظلت المفاوضات سرية حتى ( ٢٣ آذار ١٩٢٢ ) ، حينما أعلن وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل في مجلس العموم البريطاني جوابا على سؤال وجه إليه، إذ قال :
إن الملك فيصل وحكومته لم يخبرا بريطانيا عن رفض الشعب العراقي للأنتداب ، وعندئذ أعلنت الحكومة إنها تعمل على عقد المعاهدة على أساس التحالف .
حينما أطلع الرأي العام العراقي على هذا التصريح بعد نشره في صحافة بغداد ، حدثت ضجة كبرى بين صفوف الحركة الوطنية المعارضة ، ولم تكن النجف بعيدة عن ذلك ، حيث عقدت الإجتماعات الحاشدة ، وأبرقت الكثير من برقيات الاستنكار ومذكرات الرفض .
توتر الوضع في النجف والمناطق حولها للحد الذي توقع فيه المندوب السامي السر برسي كوكس قيام الثورة في الفرات لن تكون أقل خطورة من الثورة العراقية الكبرى، فقد تم تنظيم مضبطة من مجموعة من رجال الدين في النجف الأشرف في ( ١٧ ذي القعدة ١٣٤٠ هج / ١٣ تموز ١٩٢٢ م ) أرسلت إلى رئيس الوزراء عبد الرحمن النقيب يطالبون فيها الإستقلال التام ، ومع اشتداد حركة رفض الانتداب ومقاطعة المعاهدة فتم عقد أجتماع كبير في المشخاب في ( ٤ آب ١٩٢٢ م) حضره كبار زعماء الفرات الأوسط ورؤساء عشائره ، وتم التداول في أوضاع البلاد ونتيجة للأجتماع تم إرسال برقيتين من النجف ، الأولى إلى الملك فيصل ، والأخرى إلى المندوب السامي .
وحينما (( حلت زيارة عيد الغدير )) في النجف الأشرف التي تصادف يوم السبت ( ١٨ ذي الحجة ١٣٤٠ هج / ١٢ آب ١٩٢٢ م ) ، كان قد تم التخطيط لأستثمار هذه الزيارة والقيام بمظاهرة سلمية كبرى في النجف بهذه المناسبة ، وقد أجتمع في النجف على مايزيد( ١٥٠ ) ألف نسمة . وكانت وزارة الداخلية قد أحست بخطورة الأمر فأبرقت إلى متصرف كربلاء عبد العزيز القصاب تأمره بالذهاب إلى النجف في يوم( ١١ آب ) أي قبل موعد الزيارة بيوم واحد ، وبالفعل حضر المتصرف في النجف مع قوة كافية من الشرطة بإمرة حسام الدين بك مدير شرطة اللواء لمراقبة الوضع العام والحيلولة دون قيام أية مظاهرات تخل بالأمن العام .
ووصل النجف متصرف لواء الحلة علي جودت الأيوبي وقائمقام الشامية ، وقائمقام أبي صخير ، وبعض موظفي لواء الحلة ورؤساء عشائرها ، وقد أقامت هيئة مدرسة الغري في النجف حفلة تكريمية لهم في المدرسة ، دعت إليها زعماء الشامية والرميثة قاطبة ، مع أشراف النجف وكتابها وشعرائها وساداتها وعدد كبير من الشباب ، ألقيت فيها الخطب والقصائد الحماسية في رفض الانتداب والمعاهدة والمطالبة بالاستقلال التام ، وبعد مرور بضع ساعات وصلت إلى الأيوبي برقية من وزارة الداخلية تأمره بالعودة إلى الحلة فورا .
أرتأى المرجع الديني السيد أبو الحسن الأصفهاني ، حفاظا على النظام العام في العراق (( إبدال تلك المظاهرة العظمى بمؤتمر كبير يتألف من كبار زعماء العراقيين ، وقد ألتأم هذا المؤتمر في دار الأصفهاني (( ليلة الغدير )) وتقرر فيه تأييد مطالب العراقيين السابقة وكتب السيد الأصفهاني كتابا بذلك إلى الملك فيصل واستدعي متصرف كربلاء عبد العزيز القصاب وأبلغ فيه بقرارات المؤتمرين وكلف بإبلاغها إلى الحكومة في العاصمة .

الموقف الثالث :

أصدر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، اليوم الجمعة (19 نيسان 2024)، توجيهات بمساندة الدعوة الى البرلمان العراقي بتشريع قانون
“عطلة عيد الغدير”
بجعل ذكرى العيد عطلة رسمية.
وحدد الصدر،( ٥ ) ممارسات لمساندة القرار المطلوب من البرلمان، بحسب تدوينة وزيره “صالح محمد العراقي”
التي تابعتها “بغداد اليوم”، وتضمنت الممارسات الاتي:

أولاً: صلاة موحدة بعد إنتهاء مراسيم الذكرى السنوية.

ثانياً : على الأخوة أئمة الجمعة أن يجعلوا خطبهم مساندة لهذا القرار.

ثالثاً : على الأقلام (الواعية) التثقيف على ذلك بما يرضي الله ومن دون تعدٍّ على أحد عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

رابعاً : رفع رايات عيد الغدير من الآن حتى يوم الغدير.

خامساً : تفعيل هشتاك موحّد: #عيد_الغدير_عطلة_عراقية …

وكان زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر قد طالب البرلمان بتشريع قانون بجعل الثامن عشر من شهر ذي الحجة عيد الغدير الأغر عطلة رسمية عامة لكل العراقيين بغض النظر عن انتمائهم وعقيدتهم، معتبرا ان ذلك
“بأمر من الشعب العراقي والأغلبية الوطنية المعتدلة بكل طوائفها”.

تم تشريع القانون من قبل مجلس النواب العراقي إذ صوت البرلمان العراقي، يوم الأربعاء، ٢٢ / ٥ / ٢٠٢٤ على مقترح قانون العطل الرسمية في البلاد، بينها عطلة “عيد الغدير”.

وقال مراسل وكالة شفق نيوز، إن مجلس النواب صوت على المادة الخاصة بقانون العطل الرسمية ومن ضمنها “عيد الغدير”، وذلك ضمن أعـمـال الجلسة رقم 26 للدورة الانتخابية الخامسة من السنة التشريعية الثالثة / الفصل التشريعي الاول التي عقدت بحضور 167 نائبا .

التعليقات مغلقة ، لكن٪ strackbacks٪ s و pingbacks مفتوحة.