عريان السيد شعر

0 277

هادي جلو مرعي
مات عريان السيد خلف سيد الشعر الشعبي العراقي بلهجة الجنوب الذائعة والرائقة. أخذه الموت كما سيأخذنا جميعا، وبالتتابع، ودون تأخير، فهو يأتينا بالدور، ولايتردد في سلبنا طاقة الحياة التي تبجحنا بها.
حين يموت شاعر، أو ممثل، أو مغن أشعر بالحزن، فهولاء يتصلون بوجداني، بدواخلي المحزونة، يسلونني، أو يسكننون وجعي قليلا، أو يشغلون بالي عن عذاباتي، وهمومي اليومية، وشجوني المتكررة التي لاتكاد تنتهي.
عاش عريان السيد خلف محن العراق، وتشبع من عذاباتها ومراراتها الكثيرة التي تنقلت معه من عقد لعقد، وصارت عنصرا من عناصر ثقافة هذا البلد الملكي، والجمهوري، والدكتاتوري، والديمقراطي. الديني، والعشائري. القومي، واليساري. المتلون بألوان عدة لاتنقص عن الملايين. فهي تتوالد، وتريك عجائب وغرائب بلاد الرافدين.
كان عريان واحدا من شعراء المحنة، وأرخ لها، وظل يراقب شعبه وهو يعيش الحروب والحصارات، والحماقات، والمصائب، والجوع، والهجرة، وتسلط الحكام وجشعهم، وثقافة التخوين التي طبعت حياة العراقيين بالموت، والدمار، والقهر، ولاتمر مرحلة من مراحل العراق إلا وكانت مادة لعديد القصائد الذائعة التي تستهوي الذائقة العراقية، وتحيلها الى ذاكرة متجددة تحتفظ لهذا الشاعر أنه كان مع الناس، وكان يساريا بارعا في الغوص في أعمأق العشيرة، والطائفة، والدين، والجغرافيا، ولم يتردد في إعلان إنحيازه للفقراء، والمهمشين، والمعذبين في وطنه الجريح الصابر على الأذى..
مات عريان السيد خلف في يوم ماطر ليتبلل ثرى قبره بدموع السماء التي تحزن على الشعراء وترثيهم، ولاتتجاهلهم لأنهم يصعدون إليها بالكلمات.

اترك رد