عمان – أصدر سعادة الدكتور طلال أبوغزاله رئيس ومؤسس مجموعة طلال أبوغزاله العالمية، قراءة تفصيلية في قرار محكمة العدل الدولية بخصوص دعوى الإبادة الجماعية التي أقامتها دولة جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني، وما تضمنه القرار من إلزام للكيان باتخاذ اجراءات لمنع الإبادة في غزة ومنع التحريض المباشر عليها، وضمان توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة للسكان في القطاع المحاصر.
وأشاد الدكتور أبوغزاله بقرار المحكمة وصياغته، وقال إنه “أهمّ وأفضل قرار في تاريخ القضية الفلسطينية، نظرا لاستقلاليته والزاميته واجراءاته التطبيقية”، مبيّنا أن التدابير التي فرضتها المحكمة تستهدف تغيير سلوك اسرائيل ووقف عمليات الإبادة التي ترتكبها، وهذا يعني حكما وقف القتال.
وأكد الدكتور أبوغزاله أن الحديث عن “وقف العدوان” وليس “وقف القتال” يؤكد أن القرار موجّه للعدوّ الصهيوني باعتباره الطرف المعتدي ومرتكب الإبادة الجماعية وليس أهل غزة، مشيرا إلى أن مجرّد قبول الدعوى بأغلبية (15) صوتا من أصل (17) عضوا، ورفض طلب اسرائيل ردّ الدعوى، هو إقرار ضمني بوجود واقعة “الإبادة الجماعية“.
وقال الدكتور أبوغزاله إن حقّ الدفاع عن النفس الذي تدعيه اسرائيل وتدعمها فيه أمريكا وبريطانيا لا يسري بالنسبة لسلطات الاحتلال ولا لسلطات الإبادة، مشيرا إلى أن “سلطة الاحتلال لا تحتاج للدفاع عن النفس، فكلّ ما يلزمه من أجل ذلك هو انهاء احتلالها لتنتهي المشكلة“.
وأضاف أبوغزاله أن الحق المشروع للدفاع عن النفس – ما لا ينطبق على هذه الحالة – لا يبرر جرائم الإبادة الجماعية.
ولفت الدكتور أبوغزاله إلى أن قرار المحكمة يؤكد أن كل من يدعم العدوان هو شريك في جرائم الإبادة، ويفرض القرار على جميع الدول الالتزام به وإلا اعتبرت شريكا للعدو، لافتا إلى أن “اسرائيل” تجاهلت عشرات القرارات الأممية بفضل حماية الولايات المتحدة، وهذه هي المرة الأولى التي تعجز فيها أمريكا عن حماية “اسرائيل” من الوقوف في قفص الاتهام.
وأثنى الدكتور أبوغزاله على قرار المحكمة باعتبار “القتل بالوسائل العسكرية ما هو إلا أحد سبل الإبادة، ويجب وقف القتل بالوسائل الأخرى مثل الحصار والتجويع ومنع الدواء والطاقة وغيرها من احتياجات الحياة وممارسات الإبادة الصهيونية، مشيرا إلى أن التدابير التي فرضتها المحكمة تضمّنت “إلزام اسرائيل بوقف التحريض على الإبادة”.
وقال الدكتور أبوغزاله “إن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة واجبارية للجميع وغير قابلة للاستئناف، لكنها قد تحتاج إلى دعم من مجلس الأمن الدولي لإنفاذ قرار وقف إطلاق النار تحت الفصل (14) من ميثاق الأمم المتحدة، وعلى الأرجح لن تتمكن الولايات المتحدة من استخدام “الفيتو” لئلّا يتمّ وصمها بأنها تدعم الإبادة الجماعية أو تخالف محكمة العدل الدولية التي تعتبر من ركائز الأمم المتحدة”.
ويرى الدكتور أبوغزاله أن محكمة العدل الدولية أبدعت عندما وضعت نظاما لمتابعة تنفيذ القرار، وإجبار اسرائيل على تقديم ما يثبت التزامها بالقرارات خلال شهر، وهو ما لم يحصل في أي من القرارات الأممية السابقة.
وأثنى أبوغزاله على لجوء المحكمة إلى شهادة مستقلة من المنظمات الأممية وليس بما يدعيه الطرفان فقط، مبينا أن الادعاءات ضد منظمات الأمم المتحدة وفي مقدمتها اونروا، تستهدف إقامة نظام إبادة أممي ضد الفلسطينيين لحرمانهم من الحماية ومن متطلبات الحياة، لافتا إلى أن رئيس قضاة المحكمة هي قاضية أمريكية أقرت أمريكا بقدرتها ونزاهتها سابقًا نظرًا لعضويتها في مجلس القضاء الأمريكي الأعلى.
وأشار أبوغزاله إلى أن مبادرة العدو بطلب مقاطعة الأونروا جاءت بهدف خلق إجراءات بديلة للإبادة الجماعية التي يمارسها، لافتا إلى تقديره لاستقلالية وإنسانية الأونروا.
واستنكر أبوغزاله اتهام رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو محكمة العدل الدولية بأنها معادية للسامية، مشيرا إلى أن ذلك الاتهام تكرار بائس لادعاءات نتنياهو الدائمة.
وبيّن أبوغزاله أن ردود الفعل الإسرائيلية والهجوم على المحكمة تثبت أن قرارات محكمة العدل الدولية جاءت في مصلحة الفلسطينيين الذين وصفهم وزراء في حكومة الاحتلال بأنهم “وحوش بشرية” في محاولة لنزع صفة البشرية عنهم.
وأكد أبوغزاله أن إعلان نتنياهو في أعقاب قرارات المحكمة أن على اسرائيل تطوير صناعة الأسلحة محليًا، يشير إلى خشيته من توقّف الدول عن تزويد اسرائيل بالسلاح خوفًا من عقوبات المحكمة، لافتا إلى أن ادعاء نتنياهو بأن المحكمة لم تطلب وقف الحرب، وأنها ستتواصل حسب مصالح الكيان، تعني أن باستطاعته أن يتجاهل سيادة المحكمة وإلزامية قراراتها والتدابير التي تفرضها.
وأكد أبوغزاله أن الضحية الأولى لهذه القرارات سيكون مستقبل نتنياهو الذي يمارس أفعالا أسوأ من النازية، مبيّنا أن “أعداء اسرائيل الحقيقيين هم من داخل الكيان نفسه“.
ويرى أبوغزاله أن من نتائج هذه القرارات وصمود المقاومة بدء انهيار اسرائيل من الداخل كقوة استعمار وإبادة جماعية، مضيفا أن حكم وعدالة المحكمة وقدرات فريق الاتهام (جنوب افريقيا) أهدى للفلسطينيين قرارات وقف الإبادة وليس فقط وقف الهجوم العسكري على أهميته.
وأشار إن هذه التدابير الابتدائية التي صدرت ستتبعها تحقيقات شاملة وصولا إلى إثبات جريمة الإبادة الجماعية، مشيرا إلى أن الواجب بعد صدور قرار المحكمة النهائي يقتضي إلزام العدوّ بالتعويض عن كلّ الأضرار التي تسبب بها، بما في ذلك التعويض عن الأرواح والجرحى والمباني والبنية التحتية.