عامر جاسم العيداني
ان التوقيتات التي تسير عليها حكومة ترامب في تنفيذ صفقة القرن لإنهاء القضية الفلسطينية لم تأتي بدون تخطيط محكم لتنفيذها على حساب دول الخليج وبتمويل منهم باعتبار الجزء الأكبر منها هو عملية استثمار اقتصادي لبناء دولة فلسطين الجديدة على الأراضي العربية التي سوف تستقطع من مصر والاردن.
فإن هذه العملية تحتاج إلى خطة متقنة من اجل قبول الأطراف العربية هذه الصفقة وتنفيذها ، وأول مراحل هذه الخطة هو إخضاع الجانب الإيراني باعتباره الداعم الوحيد للقضية الفلسطينية من خلال اضعافه اقتصاديا لإيقاف الدعم للجانب الفلسطيني وحزب الله وعزلهما وجعل يده مغلولة بالإضافة الى تهديده عسكريا بافتعال الازمة الحالية وتخويف العرب والعالم منها وجعلها عدوا أول بدل إسرائيل التي تحتل الأرض الفلسطينية ، واتهام ايران بأنها تعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة بدعمها للحوثيين الذين يشكلون قلقا كبيرا للسعودية والإمارات في الحرب التي يقودانها ضد اليمن ، واتهامها ايضا بأنها تشكل تهديدا عسكريا لدول الخليج والمصالح الأمريكية فقامت بعملية تحشيد عسكري وإعلامي واسع النطاق حتى جعل العرب ينساقون ورائها بشكل اعمى لتضمن موافقتهم على صفقة القرن وتمويلها ..
ومن ناحية أخرى اختارت أمريكا مملكة البحرين القريبة من ايران مقرا لانطلاق هذه الصفقة وتمريرها عربيا لتشكل تحديا لايران وتقول للعرب نفذوا هذه الخطة والا سوف تبتلعكم ايران واننا سوف نحميكم منها .
والجدير بالذكر أن إيران قامت باستعراض قوتها في البحر بنشر قواتها البحرية واخراجها إلى العلن حتى وصلت إلى بحر عمان بحجة حماية اساطيلها التجارية من القرصنة ، ان هذا الاستعراض ابدى تخوفا لدى دول الخليج حيث اعلنوا بعدة مناسبات اننا لا نريد الحرب ولكن سوف نرد بقوة على اي تهديد إيراني .
وهنا اكتملت الطبخة السياسية لصفقة القرن بعدما نأت إسرائيل بنفسها عن التدخل في الصراع الأمريكي الإيراني سياسيا وإعلاميا لتتجنب الاتهامات من جانب إيران والقوى الفلسطينية وحزب الله بأنها جزء من التحرك الأمريكي ، وتترقب من بعيد للاحداث ومجرياتها وتنتظر الحل الذي سوف يأتيها على طبق أمريكي عربي جاهز .
ولكن يبقى القول والفصل للشعب الفلسطيني بقبول الصفقة او رفضها وردة الفعل الإيراني عليها وهل يستطيعان افشالها.
المقال السابق
محافظ البصرة يوافق على احتساب مخصصات الخطورة لسواق مركبات مديرية البلديات في الاقضية والنواحي
المقال التالي